إعــــلانات

“النهار” في بيت أمين المال في القاعدة عبد العزيز يوسف المكنى “أبو خيثمة” : في آخر لقاء اخبرني “يا أمي إن نزلت سأموت.. وإن بقيت سأموت”

“النهار” في بيت أمين المال في القاعدة عبد العزيز يوسف المكنى “أبو خيثمة” : في آخر لقاء اخبرني “يا أمي إن نزلت سأموت.. وإن بقيت سأموت”

سميته “يوسف وحولوه إلى أبو خيثمة”

- أرجوكي أكتبي لي اسمه كاملا مرفوقا بكنيته “أبوخيثمة” لأحتفظ به كذكرى
– خروى حسن هو من غرر به، التحقا معا وقتلا معا.. هو من كان يخيرني بين ذهاب ابني إلى “السكتور” أو واد ڤرڤور
– قابلته ثلاث مرات وفي الأخيرة أخبرني أنه ندم ندما شديدا وأننا سنلتقي بالجنة
– قبل التحاقه بالجبل أخذ كل أغراضه ولوازمه
– كان بائع “الكاوكاو” والشيكولاطة لإعالة عائلته الفقيرة وعمره لم يتعد ١٥ سنة
– هل تعرضت جثته إلى الحرق بعد مقتله؟ ومن كان الفاعل؟
– عناصر الأمن هي من أخبرتني مؤخرا أن ابني مسؤولا إرهابيا
– لديه شقيقان إرهابيان قضيا عليهما ولم تستلم العائلة جثتهما وشقيقته شبه معاقة ذهنيا
– ابن عمته شرطي بمدينة تيزي وزو.. نشأوا مع بعض لتربطهما عداوة فيما بعد
– لقد غرر بإبني وعمره لم يتعد 15 سنة وكان يتلقى ضغوطات وتهديدات من الطرفين
– لا تخافي قولي إنه مسؤول ما تخافيش من الحكومة، ما تزيدش تولي لعندنا، راه مات يوسف

بعد يوم من دفنه، بعدما قضي عليه في كمين “آث خلفون” ببني دوالة بتيزي وزو، الأسبوع المنصرم، رفقة 12 إرهابيا، تنقلت “النهار” إلى منزل المدعو عبد العزيز يوسف المكنى أبو خيثمة، أمير المال في تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، الكائن بالحي الشعبي 400 مسكن، ببلدية ذراع بن خدة، الواقعة على بعد 8 كلم غرب عاصمة ولاية تيزي وزو. علما أنهم ينحدرون من بومهالة، بسيدي نعمان.. المنزل المذكور اشتراه الشقيق الأكبر في العائلة (42 سنة) ويدعى “موح صالح” من نوع أف 3 كما أنها تقيم فيه منذ أكثر من ثلاث سنوات.
صعدنا الطابق الثاني وطرقنا الباب والساعة كانت تشير إلى الحادية عشر صباحا وفتحت زوجة الشقيق المذكور الباب ولا أخفي أنني تملكني الخوف من أن أصد وبعد أن قدمنا هويتنا أدخلتنا لنلتقي بوالدة أبو خيثمة، تجلس أرضا رفقة شقيقته إحداهما مرفوقة بابنتها المسماة أمينة، 12 سنة، وتعد حفيدتها الوحيدة، وبعدها التحق بنا الوالد، عائدا من الشارع والتعب قد أنهكه.

حياة وطفولة “أبو خيثمة”

اسمه يوسف لقبه عبد العزيز، رأى النور في ذات يوم من 22 جوان 1980 البالغ من العمر 28 سنة، وكان ذلك في ذلك في حدود العاشرة صباحا، بمنزل العائلة آنذاك الكائن بقرية “تخروبت” بمنطقة بغلية، بولاية بومرداس، ويعد الإبن الأصغر سنا في العائلة، المتكونة من أربعة ذكور، ثلاثة منهم تحولوا إلى إرهابيين، أول من التحق بالجبل يدعى “رشيد” كان ذلك سنة 1993 وعمره لم يتجاوز 16 سنة، قضي عليه في 2002، والآخر يدعى محمود التحق بصفوف الجماعات المسلحة، سنة 1996 وعمره لم يتعد 17 سنة، ليقضى عليه بعد ستة أشهر من التحاقه بالجبل، إضافة إلى بنتين أكبرهما 40 سنة من عمرها تدعى فتيحة متزوجة أم لطفلة، أمينة السالفة الذكر، والأخرى عازبة تدعى نصيرة تبلغ من العمر 36 سنة وهي شبه معاقة ذهنيا وحالتها كانت تثير الشفقة، إذ كانت تصغي بتمعن لما كنا نتحدث فيه، وما إن سألناهاعن شقيقها يوسف حتى أبرزت عيناها محدقة فينا وهي تشير بيديها كي تعيد ما قلناه، لتتدخل الأم قائلة لنا “أنها لا تدرك ما نقوله”.
لما جاء يوسف إلى الوجود وإلى هذا العالم زغردت عليه أمه، وأقامت حفلا بقدوم ابنها الذي كانت تظن أنه سيعيلها في كبرها، وأن تربي أولاده، لكن القدر شاء غير ذلك حيث تحولت الفرحة إلى القرحة، وما إن بلغ أبو خيثمة، العام من عمره حتى شدت العائلة رحالها إلى منطقة “بومهالة” المذكورة سلفا وكان ذلك سنة 1981 كما أنه ولد بعاهة خلقية على مستوى شفتيه تحديدا من الجهة العليا، ولما بلغ الأربعة أشهر من سنه ، أجريت له عملية جراحية ببوسماعيل (تيبازة)، حيث قاموا بخياطة فكه العلوي وربطه بأنبوب، هناك وجهوه لإتمام العلاج بمستشفى بني مسوس، لكن البيروقراطية حالت دون ذلك، وانعدام الامكانيات و”المعيرفة” أدت إلى عدم شفائه حيث اضطر الوالدان للتخلي عن علاج فلذة كبدهما ليترعرع يوسف هناك وسط طفولة هادئة، عادية.

كان حريصا على صلاته ومعيلا لعائلته المعوزة

يوسف كان دوما حريصا على أداء صلاته، كباقي أفراد العائلة الكبيرة منذ نعومة أظافره، كان يعرف بحسن سيرته وأخلاقه، لا يدخن، لا يتعاطى الخمر، ولا يبيت خارجا، وكان دوما بشوشا ومحبا للجميع، وعمره لم يتعد بعد 12 سنة إلا أنه كان يتدبر حاله ويعيل عائلته، بواسطة طاولة بيع “الكاوكاو” و”الشكيولاطة” في محيط محطة المسافرين بعاصمة الولاية  المحاذية لمقر الأمن الولائي، وكان يتلقى ضغوطات كبيرة وهو لم يقترف أي ذنب والذنب الوحيد هو كونه أخ الارهابي، وكثيرا ما يتعرض للتوقيفات، وكثيرا ما كانت تحتجز سلعته، وترمى طاولته أرضا، طاولة “الكاوكاو” رزقه الوحيد والشريف (لتلطخ بعدها هذا الرزق بالدماء)، ما تسبب في معاناته ونفسيته التي زادت انهيارا بعد مقتل أخيه، فأصبح يخاف، ويخاف من الموت و”الحكومة” (أي الأمن) يقول والديه، إن الرعب سكن فؤاده الصغير، والمسكين كثيرا ماكان ينام، بدون تناول العشاء وخاوي البطن، لقد سلب منه الحق في العيش في آمان والتمتع بمراهقته وحرمانه من أبسط حقوقه في الحياة. تجدر الإشارة أن المنزل الذي عاش فيه بمنطقة “أنار أمنال” كان يتقاسمه رفقة العائلة التي هاجرت رفقتتهم وهي عائلة خروبي وكان رفيقه الدائم هو المدعو “حسن خروبي” الذي يفوته سنا بتسع سنوات (قضي عليه مؤخرا معه)، إذ كانت تربطهما علاقة وطيدة متينة، منذ نعومة أظافرهما.

خرج دون عشاء وتركني مشتاقة إليه

والدة أبو خيثمة، التي بكت كثيرا في لقائنا معها، كانت لطيفة وحنونة مع “النهار”، الشيء ذاته للوالد الذي قهره الزمن كل هذا لذنب لم يقترفوه، سرد لنا همومهم، حيث لا يوجد أحد يرعاهم، الكل تخلى عنهم لسبب واحد يتمثل في أنهم خرج من بيتهم 3 ارهابيين، مؤكدا أنه قد ربى ابنه يوسف تربية حسنة، ولم يكن ينتظر أبدا أن تحل الفاجعة واللعنة بالأسرة الشريفة. وعن اليوم الأول الذي التحق فيه يوسف بالجبل، أخبرنا أنه كان في مهمة عمل بولاية البويرة وفي اليوم الموالي له رجعت إلى البيت ليهتز كياني على وقع الصدمة. وفي سؤال حول ما إذا كان أخبرهم بالصعود إلى الجبل، أجابوا أنه لم يعلمهم إطلاقا بذلك، كونه يدرك جيدا أنه سيتم صده ولا نسمح له بذلك. أما الوالدة يمينة فقد بدأت باستعادة شريط الذكريات المرة والشديدة المرارة انطلاقا من ذاك اليوم المشؤوم.
أنه في شهر فيفري (لا يتذكرون التاريخ بالتحديد من سنة 1997 وعمره لم يتعد ١٥ سنة، في حدود الواحدة زوالا كانت العائلتان مجتمعتان كعادتهما في صالون البيت واستهل حسن خروبي بقوله لوالدة يوسف “هل تفضلين أن يذهب ابنك يوسف (سكتور) (أي المخابرات) أو يذهب إلى ڤرڤور في إشارة إلى واد ڤرڤور القاعدة الرئيسية للإرهاب”.. الجملة ذاتها وبالأسلوب ذاته أسلوب المزاح رددها يوسف لوالدة حسن المسماة فاطمة، وهذا ما لم تتحمله يمينة، وأمسكت نعالها وصوبته اتجاههما لكنهما هرولا إلى الخارج وهما يضحكان.
وفي حدود الساعة التاسعة ليلا، دخل يوسف، لتناول العشاء وكان جد قلق وفي حالة هستيريا، وبدأ يطلب ويلح على والدته والدموع تنهمر من عينيه البريئتين أن تجلس بجانبه، وتقترب منه، وأن تحتضنه مرددا عبارة “يا يما إنك لاتحبينني” وبعد لحظات أسرع للخروج، خرج بدون عشاء – تواصل الحديث بألم صارخ – ثم فرشت له لكي ينام، قائلة إنه معتاد على السهر في الخارج، يرجح أن يكون برفقة رفقائه الارهابيين، وأنها تجهل مع من كان غادر في تلك الليلة، مؤكدة أن هناك جماعة ارهابية لا تدري إن كانت سيرا على الأقدام أم على متن مركبة مبرزة أن من بين هؤلاء وعلى رأسهم المدعو خروبي حسن، المذكور سالفا، وهو من غرر به وهو من كان يحضر الارهابيين للحي، ويعقد لقاءاتهم – تواصل- أنها كانت تتلقى تهديدات مستمرة بالقتل من طرف الارهابيين. وعن سؤال إذا أخبرها واشتكى لها أجابت أنه لو فعل ذلك وأخبرها لأقامت الدنيا وتسمع كل الناس.. وفي ذات الليلة استيقظت في حدود الساعة الثانية فلم تجد فلذة كبدها أمامها، لتتوجه مباشرة في جنح الظلام إلى منزل خاله المجاوز ظنا منها أنه متواجد هناك لمشاهدة مباراة في كرة القدم، لكنها لم تجده واختفائه رفقة حسن جعلها تشك وتتأكد من أن يوسف البريء الطفل التحق بصفوف الدمويين ولم يغمض لها جفن واحد في تلك الليلة، وما إن بدأت الخيوط الأولى لأشعة الشمس بالبزوع حتى هرولت إلى الخارج، أصبحت كالمجنونة، ولم تترك مكانا إلا وبحثت فيه وذهبت إلى غابة واد ڤرڤور، تسادورن، سيدي نعمان، لكن الناس المحسنين المشفقين لحالها كانوا يوقفونها، يهدئونها ومن ثم يرجعونها إلى بيتها وعلى حد تعبيرها وعيونها تغرقان في الدموع “ضربة تاع يوسف وحدها، ضربة قاسية لم أتحملها سمحت في الآخرين محمود ورشيد، لكن يوسف هو المازوزي تاعي.. داولي زوج بركات” (في إشارة إلى شقيقيه السابقين).

بعد مرور عامين زارها في المنزل

وهكذا مرت الأيام وهي على تلك الحال ولولا الصبر لكانت في عداد الموتى، وبعد مرور عامين من اختفائه، وفي إحدى الليالي الخريفية في حدود العاشرة ليلا جاء الارهابي المذكور حسن إلى منزلها مرتديا الزي العسكري رفقة ارهابي آخر بلباس مدني، لم تتعرف إليه، حيث قام باخفاء وجهه وقال لها إنه قدم كي يخبرها أن يوسف بخير، فما كان عليها سوى الصراخ في وجهه، ليلوذ بالفرار خوفا من انكشاف الأمر وتفطن الناس، غادر وهو يقول لها “ربي يغفر لك”.. يمينة لم تخف علينا وصارحتنا أنها كانت تبذل جهد من أجل لقاء يوسف، قائلة إنها التقته ثلاث مرات فقط، الأولى كانت مباشرة بعد الحادثة المذكورة سلفا (زيارة حسن)، أي في شهر فيفري من سنة 1999، في زيارة مفاجئة له لمنزل العائلة الساعة كانت قد تجاوزت العاشرة ليلا، دخل يوسف المنزل وهو يرتدي لباس مدني بمفرده، سأل العائلة إن كان لا ينقصها شيء وبالأخص إن لم تتعرض للحڤرة، لكن الوالدين نصحوه وتوسلوا إليه للعودة إلى أحضانهم، بالأخص أمه التي كانت تردد عليه عبارة “ياوليدي خدعتني” لكنه رفض ذلك ولم يستطع أن يتماسك نفسه بالبكاء، ليغادر بعد حوالي نصف ساعة من اللقاء.
المرة الثانية كانت بعد مرور أربع، سنوات كان اللقاء صدفة بحقول “بومهالة” وذهلت لرؤيته بلباس أفغاني، مدجج بالسلاح. وعن اللحية قالت أنها لم تنمو له بعد.. هذا اللقاء دام مدة معينة من الزمن، وتقريبا ذات الكلمات، الجمل المتكررة وذات الصور واللقاءات، بالنسبة للقاء الآخر كان منذ عامين جمعهما بمنقطة قطوس، بسيدي نعمان، حيث أرسل لها أبو خيثمة، امرأة عجوز، كوسيطة لهم إلى المنزل العائلي، وما إن بلغها الخبر حتى ذهبت مسرعة، في حين رفض زوجها مرافقتها متحججا بالمرض.
تقولإأنه كان فصل الخريف على الساعة الواحدة زوالا، داخل غابة قطوس، وكان يرتدي الزي العسكري مدعما بسلاح، يرجح أن يكون كلاشينكوف، ودام اللقاء ثلاث ساعات بين قلبين متقطعين، متشتتين، حيث أخبرها أنه ندم ندما شديدا لالتحاقه بالجبل، ونادما كونه تخلى عن عائلته، وكان يبدو حائرا من أمره، وتتذكر جيدا عبارة “يا أمي لو أنزل سأموت، ولو بقيت سأموت”، وعن آخر كلمة رددها “يا أمي سنلتقي في الجنة” وتعانق الاثنان وهما يذرفان دموعا قاسية ليفترقا إلى الأبد.

سميته يوسف وحولوه إلى أبو خيثمة
ما تخافيش قولي راه مسؤول، أو مات ماتوليش عندنا الحكومة

بادرنا الأم بمساءلتها إن كانت على علم أن ابنها يعد مسؤولا بارزا في تنظيم الارهابيين، لكنها رفضت ذلك تماما، وأردفت بلهجة حزينة وفيها لمسة من المفاجأة أنها تنكر ذلك، مفسرة أن الارهابيين يختارون “الشارفين” أي كبار السن، ابتداء من سن الأربعينات لتولي المسؤولية وليس صغارا كولدها، ولمسنا أنها ترفض تسميته بـ “أمير” كون هذه التسمية تدل على المستوى العالي في التقتيل والتذبيح، لكننا أوضحنا لها وطمأناها لنخفف عليها، حيث قلنا لها أن أمير المال، وظيفته تكمن فقط في عد الأموال، وليس التقتيل ليقاطعها زوجها منفعلا في بادئ الأمر “قولي راه مسؤول، خلاص ما تخافيش مالحكومة، (أي الأمن) ما يولوش لعندنا، يوسف مات” هي عبارة اقشعرت لها أبداننا. أما هو فأكد لنا أنه سمعها مؤخرا من عناصر الأمن الذين أخبروه أن ابنه قائد كبير في الجماعات الإرهابية وهذا بعد القضاء عليه.
سألنا يمينة، التي كانت صبورة معنا عن اسم “أبو خيثمة” وبدأت بترديده كأنها تسمعه للوهلة الأولى، قائلة : “لقد سميته يوسف، وهم حولوه إلى أبو خيثمة”، لتسألني بدورها ماذا يعني اسم إبو خيثمة، لتطلب مني مباشرة بأن أكتب لها على ورقة الإسم الكامل لابنها يوسف، وكذا كتابة كنيته “أبو خثيمة” لتحتفظ بها كذكرى لي وله، فكان لها ذلك، فأمسكته بيديها بحنان وتأمل متمعنة فيه تحاول قراءته بالرغم من أنها لم تطأ رجلاها عتبة المدرسة (بعد معايشتها حرب التحرير على حد تعبير زوجها.
ذهب طفلا في 15 وعاد عمره 28 سنة لكن داخل نعش بعد أن قضى 11 سنة في الأدغال
وعن إحساسها إثر تلقيها نبأ الصاعقة بموته، تقول ماعساني أن أفعل ربي كتب علينا هذا، لقد حزنت وبكيت بمرارة مؤكدة أنها تعودت على ذلك لما قتل ابنها محمود الذي لم تعلم بخبر موته الا بعد مرور عام، الشيء ذاته لابنها رشيد، الذي لم تسمع بخبر مقتله، الا بعد مرور عامين من الزمن، علما أنهم لم يستلموا جثتيهما.
من جهته الوالد “عمار” أخبرنا أنه سمع بمقتل ابنه يوسف من طرف المواطنين الذين اطلعوا على جريدة “النهار” وفي يوم الثلاثاء الماضي بدأت إجراءات تسوية الوثائق، إذ صادفتهم عراقيل إلى غاية توقيت المغرب ليواصلوا في الأمر صبيحة اليوم الموالي الأربعاء لمصلحة حفظ الجثث بالمستشفى الجامعي ندير محمد تبزي وزو، لتسليمه وأخذوه مباشرة إلى مقبرة “ذراع بن خدة” لدفنه.
كانت الساعة تشير إلى الثانية عشر والنصف زوالا، بحضور بعض أقربائه من أعمامه والعديد من المواطنين وقد تم نقل (جثته) على متن عربة نقل من نوع “بوكسور” من الحجك الكبير بيضاء اللون، ملك لابن عمه، وعن سبب عدم أخذه للمنزل واجراء مراسيم الجنازة فراجع إلى خشيتهم من أن تزيد جثته تعفنا.
أما عن ما إذا ألقت النظرة الأخيرة عليه قبل أن يوارى التراب ويشيع إلى مثواه الأخير، قالت إنها لم تملك الشجاعة لفعل ذلك، وهي لن تتحمل الأمر “الأكيد سأسقط”.. نفس السؤال وجهناه إلى شقيقته الكبرى وما إن سألناها عن السبب أنزلت رأسها، وبدأت تذرف دموع تلهب القلوب قائلة :”راني محروقة”

هل تعرض أبو خيثمة للحرق والقتل للمرة الثانية؟ ومن الفاعل؟

أكدت لنا العائلة، أنه في صبيحة يوم الثلاثاء السالف الذكر، توجهت الوالدة رفقة زوجها وابنتها لمصلحة حفظ الجثث المذكورة وقبل ذلك، كانت عناصر الشرطة بمقر الأمن الولائي أظهروا لهم صورة ابنهم يوسف وتعرفت عليه العائلة بدون تردد، فالصورة ذاتها كانت تظهر وجه الفقيد ملطخ بالدماء وجرح عميق من جهته اليمنى للوجه، وتقريبا ذات الجرح على الجهة اليسرى والظاهر أنه أثر آخر غير أثر الرصاص، إلى هنا كل شيء عادي. وفي ذلك اليوم وفي تلك اللحظات كانت المفاجأة الكبرى بعد فتح درج المصلحة المذكورة، وإذا بهم يظهرون لها وجه متفحم، والكل تعرفوا عليه فالأب تعرف عليه من خلال عاهته المستديمة وكانت الروائح الكريهة تتطاير بالمكان. وعن سؤالنا حول إن نقل الأمرلأي كان أجاب “لمن أشتكي؟” هذا الفعل تؤكد العائلة زاد في تعميق جراحهم النفسية، لماتم حرقه وتم قتله للمرة الثانية، وتتساءل عن من يكون الفاعل؟ وهذا ما بقي يحز في صدورهم..
ودعنا هذه العائلة وداعا حارا، وتركناها، بعد جلسة حميمية تجاوزت ثلاث ساعات آملين لهم بغد أفضل، وتجاوز المحن، وقد اتفق الجميع أن أبو خيثمة أمير المال، أو بالأحرى يوسف ماهو الا ضحية مجتمع، غرر به وهو في نعومة أظافره، ليتحول من طفل إلى “أمير” بعيدا عن أحضان والدته ولم يتشبع بعد بحنانها رحل عنها أو عنهم وعن العائلة بأكملها، عمره لم يتجاوز 15 سنة واللحية التي تباهي بها الارهابيون لم تكن لتنمو على وجهه البريء، الا بعد مرور سنوات عديدة من التحاقه بمعاقل الإرهاب. وبغض النظر إن كان انتقاما لشقيقيه أو لا فمن الأكيد أنه تلقى ضغوطات وتهديدات من الطرفين، لقد رحل عن هذا العالم بعودته في صندوق خشبي دون أن تحقق والدته يمينة التي أنجبته أمنيتها الجامحة والوحيدة وهي تزويجه وتقوم بتربية أحفادها منه، أحفاد يوسف “المازوزي” وليس أبو خيثمة”.

رابط دائم : https://nhar.tv/Lu47m