“النهار” تخترق شبكات تهريب البشر وتنقل تفاصيل مثيرة لعملياتها
بقلم
النهار /ب.ياسين
في محاولة جريئة لتقصي حقائق وطرق الحرڤة، حاولت “النهار” كسر طابوهات ما يعرف بـ”الشبكات المنظمة لتهريب البشر” المتورطة في مثل هذه العمليات التي امتدت حتى إلى نخبة المجتمع، لتطال الأساتذة، الدكاترة وحتى الفنانين ووجوه تلفزيونية معروفة
- لتنتهي أخيرا بمراهقين ورضع لا تتجاوز أعمارهم العامين، رفقة عائلات بأكملها، مثلما حدث بعنابة في الأيام القليلة الماضية، همهمالوحيد هو الغربة والبحث عن حياة أفضل في بلاد الجنس الأبيض، بعد أن تعثرت بهم ظروف أبسط الحياة في جزائر الـ 2008.
- تفاصيل عن عقد صفقات للهجرة غير الشرعية باعترافات حراڤة لـ”النهار”
- حاولنا اختراق شبكات التحضير لرحلات بما يعرف الموت ومعرفة ما يدور داخلها، لكن ذلك تعذر علينا، بسبب التدابير المعقدة التييسلكها بارونات هذه العمليات. إتصلنا بـ “م.ساعد” 23 سنة، المتواجد حاليا في المملكة العربية المتحدة، وهو أحد الذين استفادوا منخدمات هذه الشبكة بعد دفعه لمبلغ مالٍ قدر بـ 380 أورو، لم يفصح عن هذه الحقائق إلا بعد بلوغه الضفة الأخرى من البحر ودخولهتراب ريطانيا، أين يعمل الآن في أحد ضواحي لندن.
- حراڤ يعترف لـ”النهار”:” هربنا من الجزائر بعد أن أغلق المسؤولون أبوابهم في وجوهنا”
- في بداية حديثه، ألح علينا أن هربه من الجزائر لم يكن بدافع المال فقط أو البحث عن حياة أفضل، بل تراكمت أسباب كثيرة، لعل أهمهاما أسماه باللامبالاة من طرف المسؤولين في الإصغاء إليهم و لانشغالاتهم ،في حين، يضيف “أبناء الطبقة العليا والمسؤولين راناانشوفوا فيهم، أيجيو هنا في لندن أيبزعوا الدراهم كيما يحبوا، كيفاه تحب نبقاو في بلاد كيما هذيك”.
- كيف يتوصل الحراڤ إلى وسطاء الشبكات؟
- بحكم تجربته التي بلغت 3 محاولا ت، أكد لنا ساعد أن الأمر يتطلب التنقل إلى المناطق الساحلية، خاصة تلك التي شهدت عملياتناجحة، بعد تداول الشباب أخبار وصول قوافل إلى سردينيا والسواحل الإسبانية، موضحا أن أهم النقاط التي عاينها بنفسه، منطقةزموري التي انطلق منها بعض شباب العاصمة باتجاه أقرب نقطة برية في الدول الأوربية، وكذا منطقة شواطئ بني صاف بولايةمستغانم، وأخيرا منطقتا سيدي سالم وعين أعشير بولاية عنابة، حيث وعند انتقاله لتلك المناطق كان وحيدا، مما يحتم عليه المكوثفي كل منطقة بين أسبوع وأسبوعين، تمكنه من معاينة الجهة وتكوين معرفة شخصية لعدد من السكان المحليين، هؤلاء الذين لهمدورا كبيرا في توجيه غرباء المنطقة إلى وسطاء محتملين لشبكات الهجرة غير الشرعية.
- التوصل إلى الوسيط يكلف أيضا مبالغ مالية تصل إلى الـ10 آلاف دينار جزائري
- هذه هي الحقيقة التي وقف عليها ساعد وزملائه الذين ركبوا أمواج البحر، حيث أكد أن الحراڤ المقدم على هذه العملية، الذي لا يملكبما يعرف في قاموس شبكات تهريب البشر “الخيط” الموصل و”الضامن”، يتطلب منه التفكير أيضا في تخصيص عمولات، مبالغمالية وحتى هدايا يقوم بجلبها من البيت إلى سكان منطقة الشاطئ.
- أما عن المبلغ المالي، فأضاف محدثنا أنه يختلف باختلاف طبيعة السكان واهتماماتهم، وأكد أنه دفع في كل مرة حاول فيها الحرڤة مايقارب 10 آلاف دينار جزائري لمختلف شرائح السكان، لعل أهمهم كبار السن الذين يشتغلون بالتواطئ مع الوسطاء، مع أخذهملمبالغ مالية أيضا من الوسطاء أنفسهم لجلبهم الزبائن.
- مقابلة الوسيط تبدأ بأخذ الاحتياطات من رصد تحركات مصالح الأمن وتنتهي بالإستجواب
- بعد أن يتم تحديد موعد اللقاء مع ما يعرف بـ “الضامن” الذي ليس هو إلا أحد سكان المنطقة حول لقاء الوسيط المحتمل لشبكاتتهريب البشر عبر البحر، يقوم شخصا بمرافقته إلى منطقة خالية لتفادي المتابعة الأمنية لمصالح الإستعلامات، وكذا أعوان الدركالوطني بالزي المدني، وعادة ما تكون في مناطق خالية من الحركة، مثل السكنات المهجورة والأطراف المعزولة في الغابات، حتىإذا ما حصل طارئ أو تبين أن الحراڤ المحتمل أحد المخبرين، يتمكن الوسيط وأعوانه من الفرار، وتتم خلال هذه الجلسة شبه عمليةاستجواب بالتصريح ببياناته الشخصية، خاصة الولاية التي قدم منها ومعرفته بالمغامرين السابقين كما يتعرض الحراڤ إلى عمليةتفتيش دقيقة، يبحث من خلالها الوسيط وأعوانه عن ما يحتمل أن يكون وسيلة للإيقاع بهم.
- مواعيد وهمية لتحديد صدق الحراڤة ونقاط مراقبة متقدمة لتأمين العملية
- غالبا ما تسفر مقابلة الوسيط عن تحديد موعد السفر وركوب البحر، وكذا المبلغ المالي الذي يدفع نقدا بالعملة الصعبة “الأورو” عندموعد الإبحار، مباشرة قبل ركوب القارب، ويؤكد معترف “النهار”، أن ساعات الإنطلاق تبدأ من الواحدة ليلا بعد التأكد من مروردوريات حرس السواحل، وكذا خلو المنطقة أيضا من دوريات الدرك الوطني على الشواطئ، بالتواطىء مع عناصر مراقبة يعملونفي شبكات الحرڤة بنقاط متقدمة للإبلاغ عن رصد أي حركة لقوات الأمن، عن طريق مكالمات هاتفية تحذيرية.
- الموعد الأول للإنطلاق ما هو إلا تجربة لصدق العديد من الحراڤة، ويتم فيه امتحانهم والتأكد من عدم اتصالهم بمصالح الأمن للإبلاغعن مثل هذه العمليات.
- سيارات لوحات ترقيمها مطموسة ومساعد الباترون يشرف على إحضار محركات القوارب ليلة الحرڤة
- بعد هذه التجربة التي تتم بنجاح، يؤشر الوسيط على صلاحيتها للإبحار في موعد يتم تحديده على ضوء معطيات التقلبات الجوية، بمايعرف في أوساط المهاجرين بـ” البوتون”، وهي استقرار ظاهرة المد والجزر، خاصة عند اكتمال القمر في الشهور الهجرية، وكذامواعيد تحرك دوريات الأمن البرية والبحرية منها، وهي المعلومات التي يسهر على توفيرها مجموعة من الشباب البطال بمبالغمالية تصل إلى 1500 دج لكل عملية.
- وإلى حين تحديد موعد انطلاق قوارب الموت، يبقى الشباب الراغب في الحرڤة يعاني بمناطق الشاطئ من المبيت في العراء والمساكنالمهجورة إلى غاية يوم الرحلة، أين يلتقي الحراڤ لأول مرة بمساعد الباترون، الذي يتم اختياره تبعا لمعطيات خاصة، الخفة والقوةالعضلية، حيث يتدخل في حالات خاصة، مثل محاولة بعض الحراڤة عدم تسديدهم للمال المطلوب، ويشرف هذا الأخير على عمليةجلب المحركات ذات 45 حصانا في سيارات يتم طمس لوحة التسجيل عن طريق شريط لاصق أسود، يسهل نزعه أثناء سيرهم فيالطرق أمام الحواجز ونقاط التفتيش التي قد تفاجئهم.
- الباترون يتابع أطوار العملية بالمنظار الليلي والمبلغ يحدد بناء على نتائج الاستجواب
- بعد التأكد من كل إجراءات السلامة والاحتياط من الوقوع في قبضة رجال الأمن، يتصل أحد رجال الشبكة بالباترون، هذا الأخيرالذي يكون قد تابع أطوار هذه العملية عن قرب بواسطة منظار ليلي، ولا يقدم على الدخول إلى الشاطئ إلا رفقة عدد من الأشخاصقيل أنهم من حرسه الشخصي، يحضر لقبض الأموال وعائدات العملية بالعملة الصعبة، حيث يجتمع في القارب الواحد قرابة 15 شخصا، مما يأتي بمبلغ مالي يفوق الـ 10 آلاف أورو للقارب الواحد، حسب نوعية الزبائن ووضعيتهم الاجتماعية. هاته الأخيرةالتي يستغلها الباترون عقب الإستجواب الأول من الوسيط في تحديد المبلغ المالي لكل حراڤ.
رابط دائم :
https://nhar.tv/li3ep