المسيحيون في الجزائر يحتفلون بعيدهم تحت حراسة مشددة
احتفل أمس المسيحيون في الجزائر و من مختلف الجنسيات بعيدهم في كل من كنيسة السيدة الإفريقية ببولوغين وكنيسة “ساكري كور” بالعاصمة تحت حراسة أمنية مشددة ولم يعرف الاحتفال حضور كبير من الأشخاص حيث اقتصر على الجالية الأوربية و بعض الأفارقة.
ازوجها تقبلها وعائلتها ترفضها وابنها يصفها” بالكافرة”
النهار ترافق لويزة ..من الإسلام إلى المسيحيةَ؟
سميرة مواقي
حفظت القرآن الكريم في صغري و لم افهمه…. قرأت لأكبر العلماء مثل الطبري و ابن كثير و ابن هشام… كنت مسلمة واعتنقت المسيحية منذ سنوات عن قناعة…الحجاب ليس حصرا على المسلمات بل هو زي المرأة المؤمنة” هكذا عرفت السيدة “ف. لويزة” عن قناعتها و هي داخل كنيسة السيدة الإفريقية ببولوغين، تتعبد في يوم الصلاة الموافق للأحد من كل أسبوع.
لم نكن نتوقع و نحن ندخل الكنيسة لنقل أجواء إحياء عيد المسيح، أن نصادف جزائرية مسلمة تحولت إلى مسيحية، المفارقة أنها ترتدي الحجاب داخل كنيسة السيدة الإفريقية وهي تتعبد “يسوع”، لفتنا انتباهها، وتقدمت إلينا وسألتنا إن كنا مسيحيين وعن سبب مجيئنا للكنيسة؟؟
رحلة إلى المسيح
أخبرتنا أنها كانت مسلمة واعتنقت المسيحية منذ سنوات عدة و قد أشهرت مسيحيتها منذ سنة لعائلتها والمقربين منها، و هي تأتي للكنيسة كلما استطاعت، ولما طلبنا منها أن تقص علينا قصة خروجها من الإسلام واعتناقها المسيحية، لم تمانع بل رحبت بطلبنا ذلك لتقول “ولدت في بيت مسلم بتيزي وزو و توقفت عن الدراسة عند السنة السادسة ابتدائي، تزوجت وعمري سبعة عشرة سنة، وعشت حياة جد بسيطة، قد أقول أنها جد فقيرة في غرفة واحدة، و أنجبت فيها ثلاثة أولاد، ومنذ ذلك الحين، و نحن نعيش فيها إلى يومنا هذا و عمري اليوم يقارب ثمانية وأربعون سنة أعمل مساعدة سكرتيرا في مؤسسة”.
وكم كانت صدمتنا كبيرة عندما فاجأتنا أنها أجزاء من القرآن الكريم، و قرأت لأكبر العلماء مثل الطبري وابن كثير وابن هشام، ” لكن منذ التسعينات أدمنت على الاستماع لإذاعة “مونتي كارلو” المسيحية -الناطقة باللغة العربية- و شيئا فشيئا حتى صرت اسمعها يوميا و أصبحت أراسلهم لانتقاد الدين المسيحي خاصة فكرة موسى ابن الله لكن كانت الإذاعة ترد على رسائلي لإقناعي حتى اقتنعت بما يدعون إليه”.
لم تتوقف السيدة لويزة عند هذا الحد، بل سردت علينا واقعها المضطرب اذ اضافت “عشت حياة جد مضطربة خلال سنوات، إلى درجة الجنون تمنيت حينها الموت لان الاختيار كان جد صعب”.
إقناع الأهل والأقارب بالدين الجديد
في البداية وجدت لويزة صعوبة مع زوجها لإقناعه بمسيحيتها، لكنه أعطاها الحرية في اعتناقها، أما أولادها فقد وجدت معهم صعوبة كبيرة جدا فابنتها التي تبلغ من العمر عشرين سنة، وهي مسلمة وجد ملتزمة رفضت خروجها عن الإسلام، أما ابنها الأكبر الذي يبلغ من العمر واحد و عشرون سنة يدعوها بالكافرة “أما الأصغر فالأمر لا يعنيه بشكل كبير” تقول المتحدثة أما عن عائلة زوجها تقول السيدة أنهم رفضوا ذلك القرار في البداية لكن اعتبروه مؤخرا أمرا شخصيا، أما زملائها في العمل، فهم يعلمون بديانتها الجديدة، حيث تقرأ أمامهم الإنجيل، و لم تجد صعوبة في التعامل معهم.
يبقى تعامل السيدة لويزة متحفظة في تعاملها مع محيطها الخارجي، ذلك لكون أغلبية الشعب الجزائري يدينون بالإسلام، ولا يتقبل كما تقول الأمر بسهولة فهي لا تستطيع ارتداء الصليب في العلن فهي تحمله في حقيبتها و تصلي في كل مكان في البيت و الحافلة و العمل.حتضنتها كنيستي “السيدة الافريقية” و “ساكري كور”: المسيحيون يحتفلون بعيدهم تحت إجراءات أمنية مشددة بالعاصمة
أكد”بار لان ل فافر” و هو رجل دين مسيحي منذ خمسة و ثلاثين سنة بكنيسة السيدة الأفريقية الواقعة ببولوغين بأعالي العاصمة انه لا يوجد مسيحيين جزائريين بكثرة كما أن الدين المسيحي غير بارز كما هو في الدول العربية الأخرى مثل مصر و لبنان لكن يرى ذات المتحدث أن المسيحيين بالجزائر يعيشون كمواطنين عاديين يحتفلون بأعيادهم و يمارسون طقوسهم بحرية و في جو آمن، أما عن الكنيسة قال محدثنا أنها مكان للعبادة و هي أيضا معلم تاريخي يأتونها المسيحيين و غيرهم.
أما عن الاحتفال بعيد المسيح قال “الأب” بأن السلطات المعنية تقدمت له منذ أيام و عرضت عليه خدماتها المتمثلة في توفير الأمن، كما أضاف أن الاحتفال يحضره المسيحيين الأجانب مثل الفرنسيين و المصريين و اللبنانيين كما يحضره الجزائريين المسلمين للفرجة فقط .
“مشنان”.. لهم الحرية في ممارسة شعائرهم الدينية
أكد السيد “مشنان” عضو بمجلس الإفتاء بان المسيحيين في الجزائر لهم حريتهم في ممارسة شعائرهم الدينية شريطة أن يحترموا الوطن الذي يعيشون فيه أما عن العلاقة التي تربط المسلمين و غيرهم من معتنقي الديانات الأخرى قال محدثنا انها علاقة مبنية على حرية المعتقد و على إثبات الحقوق و تحمل الواجبات حفاظا على المصالح العليا للأمة و الوطن الذي يعيش فيه الجميع.
كما تطرق في تصريحه ل “النهار” عن الجزائريين الذين اعتنقوا الدين المسيحي و قال “انه ينبغي أن يعاملهم المجتمع على أساس أنهم تعثروا و سقطوا في مسيرة الحياة و ينبغي على من حولهم أن يعينوهم على أن يقفوا مرة ثانية و أن يعودوا إلى مجتمعهم و دين إبائهم و أجدادهم و الغرض من ذلك هو ما نرجو لهم من سعادة الدنيا و الآخرة و تبقى لهم الحرية كأفراد و يتحملون مسؤولية تصرفاتهم
و اشر نفس المصدر بان الشريعة الإسلامية أمرت المسلمين بان يتشبث بمبادئ دينهم و يقتضي أن لا يقلدوا غيرهم من غير المسلمين” و فيما يتعلق باحتفالات عيد المسيح قال محدثنا انه من خصوصيات الدين و قد أمرنا نبينا بمخالفة اليهود و النصارى .
و أنهى الدكتور مشنان حديثه برأيه كمواطن و قال انه لا حبذا أن يبقى الشعب الجزائري يتميز بخصوصياته و محافظ على وحدة العقيدة والدين التي يكسبها و التي تسعى الكثير من الدول لخلق هذه الوحدة.