الماضي يحاصرني.. لأني غدوت فنانا بعدما كنت حمّالا!

أنا رجل يتيم أبلغ من العمر 40 سنة، نشأت فقيرا بائسا، لم أعش الطفولة مثل أترابي لأني بدأت العمل في سن مبكرة، مما انعكس سلبا على مشواري الدراسي، فلم أستطع اجتياز عقبة البكالوريا، فواصلت مسيرتي في حمل أثقال الناس، لأني عتال الحي، منذ بلغت العاشرة من العمر، وعندما اشتد ساعدي تركت هذا العمل المضني واتجهت إلى مجال آخر، جربت السباكة والحدادة وانتقلت بعدها إلى مجال البناء والدهن، فأصبحت محترفا إلى درجة أكسبتني المال الكثير، لكني رغم ذلك لم أتخلص من ذكريات الماضي، وكأن البؤس يأبى أن يفارقني، ملامحي الحزينة توضح هذا الأمر مهما أخفيتها، علما أني محبوب بين الناس بسبب هدوئي، والكل يسابق لكي يظفر بخبرتي في مجال تخصصي لأني أصبحت فنانا منحرفا.سيدتي نور، أرجوك ساعديني لكي أنال السعادة، لقد عجزت عن ذلك بسبب الانطواء والبكاء على الأطلال، أتذكر والدي وسبب موته، بعدما تعذر علينا شراء الدواء، محطات كثيرة أقف عندها فتأبى الذاكرة أن تمضي، أجدني متشبثا بما مضى، مما جعل حالتي النفسية في تدهور مستمر، فماذا أفعل لكي أتخلص من هذا الإحباط.

أحمد/ ميلة

الرد:

رغم الفقر وعسر الحال الذي عشته وعايشته، فقد أكرمك الله بنعم كثيرة، منها النجاح في مجال عملك وحب الناس، بالإضافة إلى الرزق الوفير، رغم ذلك تأبى الاعتراف بهذه الأفضال، بعدما حصرت نفسك في زاوية اليأس والحرمان، فاليتم والفقر ابتلاء من عند الله، ودائما بعد العسر يأتي اليسر وأنت والحمد الله على حال أفضل.سيدي، إنك في غنى عن الماضي، بل أنت في أمس الحاجة إلى الحاضر الذي يحتم عليك الخروج من قوقعة التعاسة، واعلم أن البؤس والحرمان وليد أفكارنا، كذلك السعادة والرضا ينبع من دواخلنا ولا يمكن أن نستورده، لذا وجب عليك تعزيز الثقة في نفسك والمضي قدما نحو مستقبل أكثر سعادة وأقل كدرا.سيدي، لن تجد من يساعدك أو يأخذ بيدك أو ينير لك طريق الحياة السعيدة، وأنت نفسك ترفض التغير، فلماذا تضيع أجمل سنوات العمر في تذكر ماضي انقضى ولن يعود، لماذا كل هذا البؤس والحزن، يبدو أنك تجردت من الإيمان بالله وبنفسك. عش اللحظة، الساعة واليوم بما قسم الله لك، وكن متفائلا وتيقن أن الله سيقدر الخير لمن يتوكل عليه ويحسن به الظن، فهذا منهاج حياة المؤمن المعتصم بالله والمتوكل عليه، أرجو أن توطد علاقتك بالخالق، أكثر من الاستغفار لأنه الدواء الشافي للآلام النفسية والروحية، كثف من الطاعات والعبادات، كما أنصحك بالزواج من امرأة صالحة تساعدك وتساندك لكي تهدأ عاصفتك وتستقر حياتك إن شاء الله.

ردت نور