الكلونديستان عندما تترصد عصابات الإجرام الباحثين عن الخبزة
أصبح أصحاب سيارات الأجرة غير الشرعيين أو ما يعرفون بـ”الكلونديستان” في الآونة الأخيرة محل استدراج الشبكات الإجرامية المنظمة المختصة في غالب الأحيان لسرقة السيارات وتهريبها، وتزوير ملفاتها القاعدية وهياكلها الداخلية أو تفكيكها وبيعها قطعا للغيار ثم إعادة بيعها، حيث ارتفعت بشكل مخيف جدا جرائم راح ضحيتها أصحاب سيارات الأجرة غير شرعيين. ومن جانب آخر، تمكنت مصالح الأمن من حل ألغاز العديد من جرائم القتل طالت أفرادا من هذه الفئة، وأطاحت بعصابات خطيرة، ولاتزال تترصدهم للحد من تجاوزاتهم الإجرامية التي تخطت الحدود الحمراء، بعد أن أصبحت تمس بأمن الأشخاص وأمن البلاد أيضا وتؤثر على الإستقرار.
ففي سياق ذي صلة، ارتأت ”النهار” أن تضع قراءها في الصورة من خلال نماذج استشهادية عالجها القضاء الجزائري مؤخرا، وعاقب من كان لهم ضلوع في ارتكاب جرائم ضد ”الكلونديستان” عبر مناطق متفرقة من العاصمة والوطن.
رسالة قصيرة تفكّ لغز جريمة قتل غامضة لـ”كلونديستان ”
هذه القضية عالجتها محكمة الجنايات بمجلس قضاء العاصمة، قتل إثرها ”كلونديستان” عثر عليه في منطقة معزولة على ضفاف وادي الصغير بمنطقة الحواصلة، وتبين بعد معاينته أنه تعرض إلى طعنة سكين قاتلة أصابته على مستوى الصدر، حيث تمكنت مصالح الأمن من الوصول إلى عصابة تتكون من ثلاثة أشخاص، تبين أنهم يقفون وراء عدة جرائم ارتكبت في كل من عين النعجة، باش جراح والحراش، احترفوا سرقة سيارات سائقي ”الكلونديستان” عقب استدراجهم إلى مناطق معزولة للإستيلاء على مركباتهم بعد التخلص منهم، كما اتضح أن لهم ضلوع في ارتكاب جريمة القتل السالف ذكرها، وقد تمت متابعتهم بجناية القتل العمدي مع سبق الإصرار والترصد عن طريق تكوين جماعة أشرار، والتي انفجرت عقب تلقي مصالح الدرك الوطني لبلدية المعمورة بلاغا بوجود جثة شخص مجهولة الهوية على ضفاف وادي صغير بمنطقة ”الحواصلة”، وبعد تنقلهم إلى عين المكان ومعاينة الجثة تبين أن سبب الوفاة ناجمة عن تعرض الضحية إلى عدة طعنات بارزة على مستوى الصدر، كما تم العثور بمكان قريب من الجثة على مقبض خنجر، إضافة إلى حجر به بقع من الدم، مما يؤكد على تعرض الضحية إلى اعتداء قبل قتله. وبعد فتح تحقيق في القضية تم التوصل إلى أن عائلة الضحية قد قدّمت بلاغا بخصوص اختفائه، وتلقت بعد الجريمة رسالة قصيرة تفيد بأن مقترفي الجريمة من أبناء المنطقة، بدون أن تتضمن تفاصيل أو معلومات عن هويتهم. وبناء عليه باشرت مصالح الأمن تحريات مكثّفة، أسفرت عن كشف هوية أحد المتهمين الذي ألقي عليه القبض، وقد اعترف بما نسب إليه، حيث أكد أن ابن خالته عرض عليه فكرة سرقة سيارة الضحية بعد قتله، مضيفا أنه تم استدراجه إلى مكان معزول، فيما اقتصر دور القاصر الذي كان برفقتهم على مراقبة المكان والطريق. وحسب تصريحات المتهمين خلال التحقيق فقد تم إعداد خطة محكمة، حيث اتصل أحدهم بالضحية بحجة نقله إلى بلدية المعمورة، وعند وصولهم إلى هناك كان أحد المتهمين في انتظارهما وبحوزته سكين غير أنهم لم يتمكنوا من تنفيذ جريمتهم هناك بسبب وجود رعاة بالمنطقة، وقد نفّذوا فعلتهم الشنيعة عندما ركن الضحية سيارته من أجل أداء الصلاة، موجهين له عدة طعنات أردته قتيلا، فيما أقدموا بعدها على سرقة السيارة وكل ما كان بحوزته.
..ومقتل آخر وجّهت له 14 طعنة بمحطة ”خروبة” ورميه بمزبلة عمومية
وغير بعيد عما سلف التطرق إليه، فإن جرائم قتل واعتداء كثيرة راح ضحيتها سائقو ”الكلونديستان” وعالجتها جنايات العاصمة، بعد أن شدد الأمن على الإطاحة بالشبكات الإجرامية التي تستهدف بالخصوص هذه الفئة، التي وإن كانت تمارس نشاطا شرعيا كسائقي سيارات الأجرة بصفة قانونية أو الفئة الأخرى التي تمارسها بشكل غير شرعي، إلا أنها تظل فئة تكافح من أجل لقمة العيش الكريم بممارسة هذه المهنة. وفي سياق متصل، فإن جريمة قتل بشعة راح ضحيتها ”كلوندستان” يبلغ من العمر 67 سنة، أب لـ11 طفلا، ينحدر من حي المنظر الجميل بالقبة، أزهقت روحه بـ14 طعنة قاتلة أصابته في أنحاء متفرقة من جسمه من طرف مجهولين بمحطة ”خروبة” البرية، وألقي جثة هامدة بالمفرغة العمومية بالديار الجماعة، حيث تمكنت مصالح الأمن فور العثور على الجثة من تحديد هوية المجني عليه والجناة أيضا، انطلاقا من البصمات في مسرح الجريمة ومن دمه الذي عثر على قطرات منه على حجر، مثل في هذا الشأن شاب في الثلاثينات من العمر، يدعى ”ق. ج” مسبوق قضائيا، غادر نهاية سنة 2010 المؤسسة العقابية بباتنة، فيما لايزال شريكه الثاني متواجدا في حالة فرار، وقد نسب جرم القتل إلى المتهمين، إضافة إلى الأدلة الأولى وهو العثور على سيارة الضحية ”الكلونديستان” عند أحدهما، وأمام هذه الأدلة مثل المتهم ”ق. ج” أمام وكيل الجمهورية لدى محكمة حسين داي، وقد كان المتهم صرّح بأنه كان يقطن في حي ديار الجماعة منذ فترة طويلة وانتقل برفقة عائلته في السنوات الأخيرة إلى باتنة، وبعد أن غادر المؤسسة العقابية طلب من صديقه المتهم المتواجد في حالة فرار أن يتوجها إلى العاصمة لزيارة الحي الذي تربى فيه فوافق، وفي نفس اليوم الذى قدما فيه إلى العاصمة قصدا ساحة الشهداء واقتنيا سكينين من نوع ”بوشية” بمبلغ 1500 دينار للسكين الواحد، ثم قصدا محطة سيارات الأجرة بخروبة البرية في حدود الثالثة صباحا، وهناك طلبا من الضحية أن ينقلهما إلى ديار الجماعة فوافق وركب المتهمين معه، وفي الطريق أخرج المتهم الفار -على حد قول شريكه- السكين لإخافته لكنه لم يرتعب، فوجّه له طعنة واستمر في طعنه، وتدخل ”ب. ج” حيث طعنه على مستوى الفخذ، ووضعاه بعدها في المقعد الخلفي وواصلا طريقهما، مضيفا أنه لم يمت فورا بالرغم من أنهما وجها له 14 طعنة، ولما اقتربا من المزبلة العمومية بديار الجماعة تخلصا من الجثة، حينها كان قد فارق الحياة وسرقا سيارته من نوع ”تويوتا ياريس”.
عصابة تقطّع أصبع ”كلونديستان” بالسيف لرفضه إيصالهم في ديار الكاف
وكما جاء سلفا فإن أصحاب سيارات الأجرة غير الشرعية كثيرا ما يكونون ضحايا استهتار وتعسف عصابات إجرامية، تبسط ذراعيها لنشر الرعب وزرعه في الأوساط الشعبية، مستغلّة الأوقات المتأخرة من الليل، ففي ظروف مماثلة اعترضت عصابة مكونة من ٤ أفراد طريق شيخ ”كلونديستان” يبلغ من العمر 60 سنة من ديار الكاف، واعتدت عليه بالضرب بالسيف على مستوى اليد، تسببت له في قطع أصبعه، مما سبّب له عاهة مستديمة لأنه رفض إيصالهم إلى وجهتهم في تلك الساعة المتأخرة. وهي القضية التي حقّق فيها محكمة باب الوادي وكيّفت وقائعها من جناية الضرب والجرح العمدي المفضي إلى عاهة مستديمة مع تحطيم ملك الغير إلى جنحة الضرب والجرح العمدي والتحطيم. وقد كان ”الكلونديستان”الضحية قد رفض إيصال المتهمين الأربعة إلى وجهتهم، لما كان راجعا إلى بيته في تلك الساعة، بعد أن انتابته شكوك حولهم وتحجج بالإرهاق نتيجة عمله طيلة اليوم، إلا أن الأمر لم يعجب الشباب وأقدموا على ضربه باستعمال سيف كبير على مستوى الأصبع، كاد أن ينقطع مع تحطيمهم للسيارة، وكان من الممكن أن يأخذ الإعتداء أبعادا أخرى خطيرة كادت أن تزهق روحا بدون وجه حق.
يترصدان نزوله من السيارة للإعتداء عليه وسرقتها
كما اعترض شابان في العشرينيات طريق ”كلونديستان” آخر كان قادما نهاية سنة 2010 إلى مسكنه الكائن بضواحي ديار العافية بالقبة، بعد سفر شاق من ولاية وهران، ولدى تأهب الضحية للنزول من سيارته، شعر بحركة شخصين ثم أمسكه أحدهما من الخلف واعتديا عليه حتى فقد وعيه فسقط أرضا مغشيا عليه، فجرّداه من هاتفه النقال ”سامسونغ” وسلبا منه مبلغ 10 ملايين سنتيم، ليتدخل أحد سكان الحي لما شاهده واقعا على الأرض ونقله على وجه السرعة إلى مستشفى زميرلي، أين تحصل ”الكلونديستان” الضحية على شهادة طبية تفيد عجزه لمدة 12 يوما، في حين أودع في اليوم الموالي شكوى لدى مصالح الأمن مدعومة بشهادة شهود عيان من سكان حي الضحية، الذين أكدوا أن أحد المتهمين يعمل كحارس حظيرة مسبوق قضائيا، حيث تم بناء على المعلومات التي تحصلت عليها ذات المصالح من توقيف الشابين ومتابعتهما قضائيا
عصابة تستدرج ”الكلونديستان” لتسرق مركباتهم تحت طائلة التهديد ببرج الكيفان
وبالنظر إلى كل الجرائم والإعتداءات التي راح ضحيتها سائقو ”الكلونديستان”، وتسرب نوع من الخوف إلى قلوب هذه الفئة من الزبائن المشكوك فيهم، أصبحت مصالح الأمن لا تدخر أية مجهودات للتصدي للشبكات الإجرامية التي تستهدف سائقي الأجرة وتستدرجهم للإعتداء عليهم وسلب منهم ممتلكاتهم، حيث تمكنت مصالح الأمن ببرج الكيفان مؤخرا من تفكيك عصابة تتكون من ثلاثة شبان تتراوح أعمارهم ما بين 28و35 سنة، أودعوا رهن الحبس المؤقت على ذمة التحقيق في الملف الذي تورطوا فيه، بتكوينهم لجماعة أشرار مختصة في الإعتداء على أصحاب سيارات الأجرة، وعلى أصحاب سيارات ”كلونديستان” باستدراجهم على أساس أنهم زبائن ثم التهجّم عليهم في الطريق بإشهار أسلحة بيضاء في وجههم ومن ثم الإعتداء عليهم وسرقة مركباتهم، حيث أوقفت عناصر هذه الشبكة، بعد أن أخلّت بالنظام العام ببرج الكيفان، من خلال الإعتداء على المواطنين بالأسلحة البيضاء وبالأخص أصحاب سيارات ”كلونديستان” المستهدفين من طرف هذه العصابة، حيث تمكنت مصالح الأمن من توقيف المتهمين الثلاثة أيضا، عقب اعتدائهم على ”كلونديستان ”ومحاولتهم السرقة تحت طائلة التهديد بالأسلحة البيضاء.