العلاج في الخارج للمعارف والموت البطىء للڤليل
/* Style Definitions */
table.MsoNormalTable
{mso-style-name:”Tableau Normal”;
mso-tstyle-rowband-size:0;
mso-tstyle-colband-size:0;
mso-style-noshow:yes;
mso-style-parent:””;
mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt;
mso-para-margin:0cm;
mso-para-margin-bottom:.0001pt;
mso-pagination:widow-orphan;
font-size:10.0pt;
font-family:”Times New Roman”;
mso-ansi-language:#0400;
mso-fareast-language:#0400;
mso-bidi-language:#0400;}
فرصة من أصل مليون هي احتمال استفادة ”الزوالي” المسكين من منحة العلاج في الخارج، والتي أصبحت للأسف الشديد من سابع المستحيلات أن تمنح لشخص دون أن يملك وساطة في لجنة اعتماد المنح للعلاج في الخارج، أو أن يكون للبروفيسور الذي وقّع عليها علاقة وطيدة مع أحد الأساتذة الأعضاء في اللجنة.
وفي حال عدم توفر هذا الشرط الأساسي، يبقى أمام المريض المغلوب على أمره انتظار الفرج وموافقة اللجنة، أو الالتحاق بالبارئ لاستحالة توفير العلاج في الجزائر، كما كان الحال الطفلة ”علية” التي توفيت لعدم موافقة لجنة اعتماد المنح في الخارج على التكفل بها، لتموت تحت أعين الطاقم الطبي بمستشفى نفيسة حمود الجامعي الذي عجز عن علاجها وإخضاعها لعملية غسل الكلى.
وما أكثرها حالات الأشخاص الذين قضوا نحبهم في انتظار الضوء الأخضر من اللجنة، بالرغم من أن العلاج في الخارج حق مكفول قانونيا، كونه ممول من الاقتطاعات الشهرية من الأجور الخاصة بالتأمين، كما هو حال آلاف الأشخاص الذين يعانون من السرطان، والذين يموتون يوميا لعدم إمكانية التكفل بهم، إذ أن المستفيدين الحقيقيين من المنح هم مسؤلون سامون في الدولة، أو أساتذة في الطب، وغيرهم من أصحاب النفوذ والوساطة التي لا يملكها الجزائري البسيط، وهنا تطرح علامة استفهام حول أحقية الاستفادة من منح العلاج في الخارج، وعلى أي أساس تمنح لفلان لعلاج بسيط فيما يحرم منها آخر في أمس الحاجة لها.
”علية” تحرم من العلاج في الخارج لتلقى مصرعها في مستشفى بارني
بسبب عدم مصادقة لجنة اعتماد المنح في الخارج على ملف التكفل بها في فرنسا، توفيت علية صاحبة العشر سنوات في مستشفى نفيسة حمود. وحسب الأستاذ طاهر ريان، رئيس الجمعية الجزائرية لطب وزراعة الكلى، فإن عليا كانت في حاجة إلى إجراء قسطرة عاجلة للشرايين، التي لا يمكن إجراؤها في الجزائر، للشروع في عملية غسل الكلى، إلا أنها لم تستفد من منحة العلاج، لتتوفى أمام أعين الطاقم الطبي المعالج، في الوقت الذي استفادت منه حالات لا تسلتزم العلاج في فرنسا من منح كاملة لا وبل حجز على مستوى الدرجة الأولى في الطائرة.
رئيس مصلحة يستفيد من منحة للخارج لعلاج نزيف هضمي…!
ومن بين الحالات التي استفادت من منحة العلاج للخارج كشف البروفيسور ريان عن استفادة أستاذ رئيس مصلحة بمستشفى جامعي في العاصمة، من منحة للعلاج في الخارج، لمجرد معاناته من نزيف على مستوى الجهاز الهضمي، لمواصلة علاجه بمستشفى جورج بومبيدو بباريس، لمدة ثلاثة أيام بالرغم من أن الطاقم الطبي في الجزائر في استطاعته التكفل بمثل هذه الحالات.
والحالات كثيرة، حيث توضح وثائق تحصلت عليها ”النهار”، تخص مرضى يمكنهم العلاج في الجزائر لتوفره، إلا أن رئيس المصلحة، وقّع لهم على شهادة التكفل في الخارج لفائدة المريض ومرافقه. وعلى الصعيد ذاته، أفاد البروفسور، بأن مسؤولا ساميا في الديوان الوطني للحج والعمرة، استفاد من منحة العلاج في فرنسا لمجرد شعوره بألم بسيط في القلب يمكن لطبيب مقيم القيام بمعالجته.
حجة وفرجة والفيزا لفرنسا
وفي هذا الشأن أوضح الأستاذ، أن المتقدمين لطلب منحة العلاج في الخارج، يتوجهون رفقة أحد الأقارب، وهو الأمر الذي يسهل لهم عملية الاستفادة من التأشيرة لفرنسا، والتجوال هناك لمدة لا تقل عن 15 يوما، كون المصاريف كاملة مكفولة من قبل مصالح الضمان الاجتماعي.
وعلى الصعيد ذاته، كشف الأستاذ ريان عن استفادة حالات تخص أشخاصا مزدوجي الجنسية من العلاج في فرنسا، إذ يعيشون ويعملون في الجزائر، ولعدم تواجدهم المستمر في فرنسا، فإنهم لا يملكون بطاقة ”فيتال” الخاصة بالعلاج في فرنسا، إلا أن البعض تمكنوا من الاستفادة من العلاج هناك، مستغلين جنسيتهم الجزائرية للاستفادة منه.
38 مليارا دعم ”كناس” سنويا للتكفل بالحالات المستعصية ومرضى السرطان
أطباء يفضلون الربح في العيادات الخاصة على معالجة ”الزوالية” في المستشفيات
تدفع مصالح الضمان الإجتماعي ما يقارب 38 مليارا سنويا لمختلف مصالح المستشفيات الجامعية من أجل التكفل بحالات الأمراض المزمنة والعمليات الجراحية المعقدة ومنها مرضى السرطان خارج ميزانية وزارة الصحة في الوقت الذي تقوم بالتكفل بحوالي 500 إلى 600 مريض سنويا وإرساله للعلاج إلى الخارج وخاصة في المستشفيات الفرنسية.
وكشفت مصادر مطلعة لـ”النهار”، عن أن صندوق الضمان الإجتماعي يمنح ما يقارب 38 مليار جزافيا للمستشفيات الجامعية خارج ميزانية وزارة الصحة للتكفل بالحالات المستعصية والأمراض المزمنة والعمليات الجراحية المعقدة، في حين يتم التكفل بحوالي 500 إلى 600 مريض سنويا وإرسالهم للعلاج في الخارج، وفي هذا الشأن أوضحت مصادر مسؤولة بصندوق الضمان الإجتماعي، أن أغلب المرضى الذين يتم إرسالهم هم الذين يعانون من السرطان بمختلف أنواعه، إضافة إلى مرضى العيون وحالات جراحة الأعصاب وجراحة العظام والكلى والجهاز البولي وزرع الأعضاء والكبد، ويتم التكفل أكثر بمرضى السرطان الذين يمثلون 50 من المائة من الحالات التي يتم إرسالها إلى الخارج للعلاج، حيث تعمل اللجنة التابعة لوزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات والمكلفة بدراسة الملفات على منح الرأي بالقبول أو الرفض لمختلف الحالات المرضية المعروضة عليها وهي تتكون من أطباء وأساتذة.
وحسب المعلومات التي توفرت لدى ”النهار”، فإن العديد من الأطباء وأساتذة الطب يرفضون إجراء العمليات المعقدة والتكفل بالمرضى على مستوى المستشفيات العمومية بينما يلقى المتوجهون إلى العيادات الخاصة التكفل نظرا إلى أن التكاليف تختلف بين القطاع العمومي والخاص لأن بعض الجراحين والأطباء همهم الوحيد هو الربح لا أكثر ولا أقل وهو هدف لا يحقق إلا على مستوى القطاع الخاص.
وتكلف عمليات التكفل بالمرضى في الخارج سنويا ما يقارب الـ20 مليون أورو وهو مبلغ ضئيل بالمقارنة مع الأموال التي تضخ لمعالجة الأمراض المزمنة في الجزائر والتي استفادت منها العديد من المؤسسات الإستشفائية، علما أن 80 من المائة من المرضى الذين يرسلون إلى الخارج هم من الحالات المرضية المعقدة والتي لا يمكن علاجها في الجزائر.
وحسب مصدر ”النهار”، فإنه يمكن تجنب مواجهة الحالات المعقدة خاصة فيما يتعلق بمرضى السرطان لو تم تطبيق برنامج وقاية جدي ووضع مخطط صحي مسبق للتكفل بالحالات المرضية المختلفة على مدار 10 إلى 20 سنة بالإعتماد على الإحصائيات والدراسات الطبية وهو أمر غير موجود في الجزائر التي تعتمد على مؤسسات استشفائية معينة يقصدها الجزائريون جميعا من كل المناطق.
الدكتور بوغربال مدير اللجنة الوطنية للعلاج في الخارج لـ”النهار”: النظام الصحي في الجزائر لا يزال في عهد الخمسينيات والتخطيط غائب للتكفل بالزوالية
أكّد الدكتور بوغربال، رئيس اللجنة الوطنية لعلاج المرضى في الخارج، أن نظام تسيير الصحة في الجزائر هو السبب الذي دفع إلى إرسال المرضى الجزائريين إلى الخارج والتكفل بهم في المستشفيات الأوروبية، مشيرا إلى أن الأطباء الجزائريين قادرون على القيام بالعمليات المعقدة، غير أن الأمر يتطلب تكوين وتوفير العدد الكافي من الأطباء المختصين على أن يكونوا موزعين بشكل مدروس على التراب الوطني. وقال ذات المتحدث لـ”النهار”، إن عدد المتكفل بهم حاليا يفوق الـ400 حالة سنويا وهو رقم كان جد مرتفع قبل 20 سنة وكان يقارب الـ11 ألف مريض أي أن النسبة تقلصت بأكثر من 90 من المائة في السنتين الأخيرتين وحسب الدكتور بوغربال الذي يرأس اللجنة التابعة لوزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات المكلفة بدراسة ملفات الراغبين في العلاج إلى الخارج، فإن نظام التسيير المعمول به في المنظومة الصحية الجزائرية هو السبب في عدم قدرة المستشفيات الجزائرية على التكفل بجميع الحالات المرضية، حيث أن الإمكانات المادية والبشرية متوفرة فقط في مناطق معينة على خلاف الجزائر العميقة وهو ما جعل الضغط تتحمّله المستشفيات الجامعية في المدن الكبرى. موضحا في ذات السياق، أن غياب تخطيط مسبق قبل 5 أو 6 سنوات قائم على الإحصائيات والإحتمالات، يعتبر من أكبر الأسباب التي تؤدي إلى مواجهة الحالات المعقدة، مبرزا أن هناك حاليا أكثر من 7000 طبيب جزائري يعملون في فرنسا وتكوّنوا في الجزائر وهو دليل على أن الأطباء الجزائريين قادرون ولهم المؤهلات الكافية.
”النهار” تلتقي ببعض المرضى في مستشفيات العاصمة وتنقل معاناتهم
”نداوي في الخارج هاذيك هي الحجة”.. و”اللي ما عندوش لكتاف يموت بالقنطة”
”لوكان انداوي فالخارج هاديك هي الحجة ديالي”…”على بالي بلي الموت واحدة بصح ما داواوني ما خلاوني نقفز على صحتي” هي العبارات التي عبّر بها بعض المرضى الذين التقت بهم الـ”النهار” في عدة مصالح الخاصة بالأمراض المستعصية على مستوى مستشفيات العاصمة على غرار مستشفى بني مسوس والمستشفى الجامعى مصطفى باشا. الساعة كانت تشير إلى حدود منتصف ”النهار”، عشرات الأشخاص مصطفين في طوابير بصالات الانتظار، قلق، تحسر، خوف وغضب في أغلب الأحيان، الكل ينتظر ويترقب ما قد سيعلن عنه الطبيب من مستجدات، هم جاؤوا من مختلف ولايات الوطن وقطعوا مسافات طويلة للوصول في الموعد الذي تحصلوا عليه بشق الأنفس لدرجة وصفه بالتأشيرة نظرا إلى صعوبة الموقف، وقد ارتأت ”النهار” التعايش ولو لفترة لا تتجاوز الساعتين وترصد معاناة هذه الفئة التي تبين أنها تعاني في صمت وتموت في بطئ لا لشيء سوى لأنه إضافة إلى أن إمكانية العلاج في أرض الوطن ضئيلة هناك صعوبة بالغة في التنقل إلى الخارج للعلاج. وقد دفع فضول ”النهار” التقرب أكثر من هذه الفئة عبر التعمق في الحديث عن مشاكلهم الصحية والتي زادت من حدتها تماطل الجهات المختصة في إرسالهم إلى الخارج للعلاج رغم أن هذا الإجراء يعد حقا من حقوقهم، فكانت الكارثة بعينها فالكل يعاني الألمين، ألم المرض وألم طول الانتظار.
سألنا في أروقة المستشفى عن الخطوات الواجب اتباعها من أجل الحصول على ورقة التكفل من طرف الدولة للسفر والعلاج بالخارج، فلبسنا قناع المرض وسألنا بعض الأطباء الذين التقيناهم صدفة فكانت الإجابة إنه يجب المرور على لجنتين مكونتين من أطباء أكفاء وأن كل لجنة متكونة من 5 أساتذة أطباء مختصين في الأمراض الحساسة على غرار طب الأطفال، العظام والجراحة القلبية، إضافة إلى القصور الكلوي التي تحتاج إلى عملية زرع الكلى وبدورها ستدرس بدقة الملف لترسله إلى لجنة ثانية لتعيد دراسة الملف علما أنها تتكون من 5 أطباء أكفاء ومن هنالك يتبين إن كانت الحالة الصحية بالإمكان معالجتها بالجزائر وإلا سترسل للعلاج بالخارج عبر تكفل الدولة، وبسؤالنا عن موعد وتاريخ الذهاب إن كان يستغرق وقتا أم لا والإجابة كانت بالإجماع من فئة الأطباء وهي ”انتي وزهرك”
طفل من وهران معاناة دامت سنة ورحلة العلاج إلى إشعار آخر
”م. ب” طفل في الـ13 سنة من عمره ينحدر من مدينة وهران، شاء القدر أن يبتلى بمرض مستعصٍ عجز الأطباء عن علاجه نظرا إلى قلة الإمكانات، وقد ابتسم له الحظ عندما حضي بمنحة السفر لتلقي العلاج إلى الخارج وكان ذلك منذ عام تقريبا، إلا أنه وإلى غاية كتابة هذه الأسطر يبقى تحديد موعد سفره معلقا بيد اللجنة المكلفة بمنحه التسهيلات، في الوقت الذي تبقى حالة الطفل في تدهور مستمر، وقد أكد أحد المقربين من الطفل على أنه قد تفاقم مرضه وزاد من حدته بسبب كثرة التنقل من وإلى وهران باتجاه العاصمة.
”المعريفة حتى في الصحة واللي ما عندوش لكتاف يموت بالقنطة”
هي حالة لمسنا منها إلياس إلى درجة كبيرة، وهذا على مستوى مصلحة القصور الكلوي ويتعلق الأمر بسيدة في عقدها الرابع تحتاج إلى عملية لزرع الكلى والتي يتعذر إجراؤها على أرض الوطن ويتطلب سفرها إلى بلجيكا، إلا أنها وجسبما صرحت به وسمته بـ”الهم” ليس المرض بعينه رغم أنه يشكل لها معاناة وألما كبيرين، إلا أن رحلة البحث عن الطبيب هذا والطبيب ذاك يضاعف الألم، وبسؤالنا لها عن السبب أكدت على أنها إلى حد الساعة تجهل سبب هذا التماطل وأرجعته -حسب تأويلها– إلى نقص ”المعريفة” وأنها لو كانت ابنة أو زوجة شخصية اجتماعية لسافرت وتلقت العلاج دون أدنى انشغال.
أطباء يقفلون آخر باب للأمل بدعوى أن الدولة امتنعت عن التكفل
هي تصريحات بعض المرضى الذين أكدوا أنهم طرقوا كل أبواب المستشفيات وجابوا جميع المصالح، إلا أنهم في كل مرة يلقون نفس الإجابة وهي أن الدولة قد أوقفت تمويل التكفل بالمرضى وإرسالهم إلى الخارج، رغم أنهم تقدموا بطلبات قصد المرور على اللجنات المكلفة بالنظر إلى حالة المريض إن كانت مستعصية وتستدعي العلاج بالخارج، إلا أن الإجابة المعمول بها على مستوى جميع المصالح هي أن الدولة أقفلت باب التكفل ”وكل واحد يعوم بحرو”.