الشيخ عبد المالك رمضاني يرفع الغطاء الشرعي عن العمليات الإنتحارية في الجزائر
في ندوة حول التحذير من فتنتي التفجير والتكفير نظمتها إذاعة القرآن الكريم دحض الشيخ عبد المالك رمضاني مبررات التترس والبعث على النية
تصويب واعتذار
ورد أمس خطأ نسبت فيه “النهار” إلى مصادر أمنية أنها بصدد طبع فتاوى مراجع التيار السلفي لتوزيعها في الجبال لفائدة عناصر الجماعات الإسلامية المسلحة والصحيح أن مصدر هذه المعلومات هم مراجع من التيار السلفي في الجزائر وهي بالتالي مبادرة تخصهم في إطار مسعى جديد يحاول فيه هؤلاء نشر الفهم الصحيح للفكر السلفي. وعليه وجب التصحيح والتنويه.شيخنا مرة أخرى تستهدف العاصمة الجزائرية في حيي حيدرة وبن عكنون بعملية انتحارية استهدفت الطلبة والأبرياء وتلاميذ المدارس والنساء والأطفال وزعم هؤلاء المارقة أن المدنيين يبعثون على نياتهم وأن الأعداء تترسوا بهم فهل هذا الزعم له شيئ من الصحة؟
الشيخ عبد المالك رمضاني: الحمد للهرب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وصحبه أجمعين أما بعد:
جزاكم الله خيرا على ما تقومون به لعمل على استباب الأمن في بلادنا التي يعلم العام والخاص ما لها في أفئدتنا من إحساس ، هؤلاء اللذين يقومون بهذه الأعمال الإنتحارية الجماعية يستدلون بدليلين الأول هو قول النبي صلى الله عليه وسلم أن اللذين توفوا وهم لا يستهلون ذلك يبعثون يوم القيامة على نياتهم” أي أن من كان من أهل الصلاح نجاه الله يوم القيامة من العذاب وإن عذب في الدنيا بذلك التفجير، ومن كان من أهل غير الصلاح فقد عذب بذلك التفجير، لا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال مثل قولهم لكننا نقول في قولهم مثلما قال علي بن أبي طالب رضي عنه في الخوارج إنها كلمة حق أريد بها باطل، الخوارج لما قالوا الحكم لله قالوا كلمة حق لكنهم أرادوا بها باطلا وليس كل من قال حقا اتبعناه حتى ننظر هل هو مخلص في ذلك له عزوجل أم هو منتصر لفكرة فقط، وننظر أيضا هل هو متبع للنبي صلى الله عليه وسلم في فعله فقد يكون المرء مخلصا لكنه مجانب للسنة كل ذلك في الإجماع عمله لا يقبل.
الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر كما جاء في حديث البخاري في حديث عائشة رضي الله عنها، أنه يغزو جيش من الحبشة الكعبة أي يريد هدمها فييخسف الله تعالى بأولهم وآخرهم أي يأمر الله تعالى الأرض لتبتلعهم وتعذبهم فيصبحون في بطونها بعد أن خرجوا غانمين يريدون هدمها” فهذا الخبر أزعج عائشة رضي الله عنها التي قالت يارسول الله إن فيهم مسلمون مكرهون لا يردون تهديم الكعبة فيكيف يكون حكمهم؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم يبعثون على نياتهم أي انهم يعذبون تعذيب المسلمين العاصين لأنهم لو كانوا يحبون الخير لأنفسهم لما خرجوا ولو كانوا مكرهين وينجيهم الله بكلمة الإسلام. أنا أستغرب كيف يستدل هؤلاء بهذا الحديث لأن الذي بعث هؤلاء على نياتهم هو الله وهم من يقومون بالتفجير الجماعي ثم يريدون أن يبعثوا صالحيهم على نياتهم كيف يكون ذلك ذاك فعل الله وذاك فعلهم فهنا افترق الأمران فالله يعلم ما في قلوبهم وهل هم يعلمون ما في قلوب الذين فجرهم غريب من أعطاهم الأمان بأن تفجيرهم هذا يكون صحيحا هذا غير صحيح لأن الخسف الذي يحدثه الله إنه خسف قدري وأما فعلهم فهو فعل شرعي ينظر فيه إن كان على السنة فهو مشروع وإن كان على غير السنة فهو ممنوع افترق الأمران، ما قال أحد من أهل العلم فجروا الناس تفجيرا جماعيا والناس يبعثون على نياتهم إن هذا كلا ساقط والفارق بين كلامهم هو كالفارق بين فعل الله وفعل المخلوق فكيف تقتل رجلا معصوم الدم لا يجوز قتله من أجل أن تصيب بعض الناس معه أين دليلهم على هذا، الحديث النبوي في واد وهم في واد، ثم عن قضية التترس أي تشبه فعلهم برمي الترس والترس كما يقول أهل العلم له عدة معان لكن هناك معنى يجمعها وهو أن يتحصن العدو بحصن ثم يجعل في مقدمته مسلمين أسرى بحيث لو رمى المسمون عدوهم لأصابوا المسلمين أولا، والأمر الأغرب في استدلالهم بهذا الدليل أن الترس غير موجود في هذا الزمان والأعداء الذين يتكلمون عنهم هؤلاء لا يستعملون هذه الطريقة وليسوا متحصنين والأصل في الترس أو التترس أن الله نهى عن القتال إذا اختلط المسلمون بالكفار وهذا فرضا على أن المستهدفين هم الكفار كما يقولون ونحن لا نوافقهم في هذا لأن الله عزوجل يقول “ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لا تعلموهم أن تطؤوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم ليدخل الله في رحمته من يشاء لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما” ومعنى الآية قوله تعالى رجال مؤمنون ونساء مؤمنات أي متواجدين بين أظهرهم ممن يكتم إيمانه لأنهم مسلمون متواجدون بين الكفار يخفون إيمانهم خوفا ولو تم استهدافهم من طرف المسلمين لباؤوا بالإثم، ولو تميز الكفار من المؤمنين لسلط الله المسلمين عليهم وهذا حسب تفسير إبن كثير وهنا الآية جد واضحة في عدم قتل الكفار إذا كان المسلمون مختلطين بهم وهذه حجة الإمام مالك رحمه الله في عدم جواز رمي الترس. واليوم لا نكاد نعرف أن الكفار جعلوا المسلمين في المقدمة أو في الواجهة والحالة التي يجوز فيها رمي الترس هي في حالة كون المسلمين من الجهتين سواء الأسرى أو المقاتلون مصيرهم الموت وهذه هي الحالة التي لا وجود لها في الجزائر وأين هذه الصورة من فعل التفجيريين الجبناء الذين يصيبون الأبرياء ثم يختفون ويولون الأدبار.
وقال القرطبي في تفسير هذه الآية يكون الترس إذا كانت المصلحة ضرورية قطعية كلية وهي قيود ثلاث قال فمعنى ضرورية أي لايحصل الوصول إلى الكفار إلا بقذف الترس ومعنى أنها كلية أنها قاطعة لكل الأمة أي أنها لها مصلحة لجميع المسلمين وليس من أجل مصلحة دنيئة مثلما يفعل هؤلاء لأن هذا تشويش وإهلاك للحرث والنسل ، لقد أثقلوا ظهورهم بالدماء وحرموا هذه الامة من أن ترفع رأسها وأن تعمل لرقيها ولمستقبلها وفي إصلاحها والإصلاح ليس بهذه الطريقة إن هذا تشغيب وتشويش وقتل للأرواح ثم في الأخير وكأن شيئا لم يحدث بل ستكون الخسائر على مستوى الأرواح والأموال ونخسر من الناحية الدينية لأن الله تعالى يغضب إذا قتلت الروح المؤمنة لقوله تعالى” ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه وأعد له عذابا عظيما“.
فهمنا من كلاكم شيخ أنه لابد من الرجوع إلى العلماء في هذه المسائل الدقيقة لكن هذه الزمرة من التكفيريين لا يأخذون برأي هؤلاء العلماء لأنهم يقولون أنهم يسكتون خوفا أو أنهم من المرجئة فما قولكم ؟
الله عزوجل أمرنا بالرجوع إلى كبار العلماء وليس العلماء الشباب برد كل شيئ إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ولا نعلم من هؤلاء المفجرين أو الإنتحاريين ولا واحدا من كبار العلماء المستنبطين للكتاب والسنة والعلماء المجتهدون لا يوافقون مثل هذه الأعمال فكيف نترك هؤلاء الأئمة ونتبع الذين لا تتجاوز ثقافتهم الفقهية ما ينشر في الشبكة العنكبوتية “الأنترنيت” دون ذكر اسمائهم والأجدر إذا كانوا شجعان أن لا يستعملوا الأسماء المستعارة ولا يختفون لأن الرسول كان جهاده نظيفا وكان يرفع الراية إذا خرج إلى الجهاد ولا يختفي مثلما يفعل هؤلاء يرمون ويختفون ويتركون الناس في الفتن ليس لهم من فعلهم هذا سوى فتن المؤمنين وليس لهم أية حصيلة من الأجر وهؤلاء يشتركون مع الأعداء من الخارج في ضرب هذا الدين ومحاولة إذلال المسلمين، ونقول لهؤلاء اتقوا الله عزوجل وكيف تنفردون بالحق دون أهل العلم وتتركون اتباعهم.