إعــــلانات

“السترات الصفراء”.. “الحراك الأبيض” وداء عمى الألوان يضرب أوروبا!

“السترات الصفراء”.. “الحراك الأبيض” وداء عمى الألوان يضرب أوروبا!

بتاريخ 14 فيفري الماضي، كان قد مضى على بداية الاحتجاجات التي شهدتها فرنسا، من خلال مظاهرات السترات الصفراء، ثلاثة أشهر.

في ذلك اليوم، أصدرت وزارة الداخلية الفرنسية أرقاما وإحصائيات، بشأن أعداد الموقوفين، وحجم الخسائر البشرية والمادية.
وكان من جملة ما أعلنته الداخلية الفرنسية، هو توقيف 8400 شخص، منهم 7500 متظاهر تم وضعهم قيد الحجز تحت النظر.

أرقام مخيفة ومظلمة في عاصمة الأنوار

ونقلت الصحافة الفرنسية في ذلك الوقت، عن وزير الداخلية كريستوف كاستانر، قوله إن 1300 شرطي ودركي أصيبوا بجروح خلال مواجهات مع المتظاهرين.
وأضاف المسؤول الفرنسي أن المحاكم الفرنسية أصدرت، حتى ذلك اليوم، أحكاما بحق 1800 متظاهر، في انتظار الفصل في مصير 1500 آخرين.
كما ورد في تصريحات وزير الداخلية الفرنسي أن العدالة الفرنسية وضعت نحو 316 متظاهرا موقوفا تحت الرقابة القضائية.

حصيلة جديدة عن الدمار

وبتاريخ آخر، وتحديدا في 20 أفريل 2019، كان قد مر على بداية احتجاجات السترات الصفراء بفرنسا، 23 أسبوعا.
في ذلك اليوم، أعلنت الصحافة الفرنسية، نقلا عن وزارة الداخلية، أرقاما جديدة بشأن حصيلة 5 أشهر من الاحتجاجات.
كما تم إصدار أرقام أخرى بشأن حصيلة مظاهرات السبت الثالث والعشرين.
وأشارت الإحصائيات، حينها، إلى خروج 28 ألف متظاهر في كامل التراب الفرنسي، منهم 9 آلاف في العاصمة الفرنسية باريس.
كما كشفت الداخلية الفرنسية عن توقيف 227 شخصا في باريس، فقط، خلال يوم واحد، مع إخضاع أكثر من 20 ألف شخص لتفتيش وقائي.

11 قتيلا في بلد حقوق الإنسان

وقبل أيام، وبالضبط بتاريخ 15 نوفمبر، أصدرت الداخلية الفرنسية أرقاما جديدة بشأن أعداد الموقوفين وحجم الخسائر البشرية والمادية، في مظاهرات السترات الصفراء.
غير أن تلك الأرقام التي صدرت بمناسبة مرور سنة كاملة على بداية الاحتجاجات، كانت تخص فقط حصيلة الست أشهر الأولى من المظاهرات.
كانت أرقام وزير الداخلية تتحدث عن سقوط 11 قتيل وأكثر من 4400 جريح، أغلبهم من أفراد الشرطة والدرك، في ظرف 6 أشهر فقط.

12 ألف موقوف في فرنسا

كما كشفت الأرقام عن عدد الموقوفين، خلال نفس الفترة، حيث تجاوز 12 ألف متظاهر، منهم 10 آلاف تم وضعهم في الحجز تحت النظر.
ومن بين أولئك، تمت إدانة إلفي موقوف، وشملت الأحكام بالحبس النافذ أكثر من 800 موقوف.
غير أن إحصائيات غير رسمية، كشفت عنها الصحافة راحت تتحدث عن أكثر من 3 آلاف حكم إدانة في حق متظاهرين، حتى شهر سبتمبر الماضي.

هنا الجزائر.. هنا السلمية

وفي الجزائر، يدخل الحراك الشعبي السلمي شهره العاشر، ولم يسجل منذ بدايته في 22 فيفري، أية حالة وفاة، بسبب العنف.
وكانت حالتا وفاة قد سجلت خلال الأسابيع الأولى للحراك، منها واحدة تخص نجل الرئيس الأسبق بن يوسف بن خدة الذي توفي إثر تدافع للمتظاهرين، بعد اختراق بلطجية لصفوفهم.

مسيرات للاحتجاج.. ولتذوّق الحياة أيضا

وباستثناء تلك الأحداث، تميزت مظاهرات الحراك في الجزائر بخصائص جعلت العالم يتأكد من خصوصية وتميز الجزائريين عن كل العالم.
فمن حين لآخر، كانت تنتشر صور ومشاهد لعمليات إفطار جماعي خلال جمعات شهر رمضان، وسط المسيرات.
ودفعت تلك الصور بكثير من الجزائريين، وحتى متابعين من دول أخرى، للتفاخر أمام الفرنسيين والعالم، بسلميتهم.

عندما يتفق المتظاهرون وقوات الأمن على حقن الدماء

ويُرجع متابعون خلو مظاهرات الحراك الجزائري من ضحايا وأعمال عنف، ليس فقط للتعامل السلس لقوات الأمن، وإنما أيضا لحرص المتظاهرين على “السلمية”.
وكان يبدو واضحا خلال جمعات الحراك الشعبي، حرص كل طرف في المظاهرات، قوات أمن ومتظاهرين، على عدم الاحتكاك بالآخر.
وقد طُرحت مقارنات عديدة بين مظاهرات الحراك الجزائري واحتجاجات “السترات الصفراء” في فرنسا، للتدليل على الفرق بينهما على مستويين.
وكان المستوى الأول متعلق بارتفاع منسوب الوعي لدى الجماهير الجزائرية، بخلاف ما كان سائدا قبل 22 فيفري.

يد تحمل الطفل وأخرى ترفع العلم

وترسخ ذلك الوعي أكثر فأكثر، بمرور الأسابيع والجمعات، بعد كل عملية تنظيف كان يقوم بها المتظاهرون بعد نهاية مسيراتهم.
وقد ازداد يقين العالم بارتفاع منسوب الوعي لدى الجزائريين، بعد انتشار تلك الصورة لأطفال رضع في المسيرات ونساء وعجائز وشيوخ.
ومقابل ذلك، كانت شاشات التلفزيون في أرجاء العالم تنقل على المباشر مشاهد الحرق والدماء، في شوارع فرنسا، وتحديدا قرب قصر الرئاسة في جادة الإيليزيه.
أما المستوى الثاني من المقارنة، فكان يسلط الضوء على سعي قوات الأمن لتفادي أي احتكاك، ينجم عنه استعمال للعنف، باستثناء حالات معزولة.

داء عمى الألوان يضرب ستراسبورغ

ويُعاد طرح هذه المقارنة، اليوم، بعد الإجراء الذي أقره البرلمان الأوروبي، عندما راح يدين استخدام العنف ضد متظاهري الحراك، ومنعهم من التظاهر.
وتطرح ازدواجية تعامل البرلمان الأوروبي مع الحالتين الجزائرية والفرنسية، الكثير من الأسئلة.
هذه الإزدواجية تغذي الشكوك بشأن الأهداف الحقيقية من اهتمام برلمان أوروبا بحقوق الإنسان خارج أوروبا وإغفالها لها داخل أراضي القارة العجوز.

فهل أصيب برلمان أوروبا بعمى الألوان؟…
بات طرح هذا السؤال أكثر من ضروري، بعدما تأكد أن نواب أوروبا لم يشاهدوا اصفرار شوارع باريس خلال مظاهرات أصحاب السترات.
لكن، لماذا يتعمد البرلمان الأوروبي غض الطرف عن حُمرة الدماء وسواد العجلات المحروقة في شوارع باريس، بينما ينجح في العثور على نقطة سواد في شوارع الجزائر، وسط بياض الحراك و”سلميته”؟
هنا يصبح من المستعجل إعلان أوروبا منطقة موبوءة ليس بعمى الألوان فقط، بل أيضا بحنينها لسنوات الاستعمار والوصاية.

رابط دائم : https://nhar.tv/E7bxi
إعــــلانات
إعــــلانات