الحلقة14: السفر
لم يكن من السهل عليها التحدث، كانت بالكاد تتكلم..
الدموع لم تتركها ولم تتركه هو كذلك، كان يريد أن يهرب بها من هذا القدر لو استطاع، وينقذها من الواقع والحقيقة ويحميها من كل آلامها.
ساعتان لم تكن كافية للوداع…
ترجاها أن يكون حاضرا لتوديعها في المطار، ولكنها رفضت ذلك
فضلت الانسحاب والخروج من المطعم، والمشي لوحدها، تركته لا يقوى على جمع نفسه، وغادرت هي المكان..
عادت إلى البيت منهمكة، دخلت غرفتها دون أن تتحدث إلى أحد، لاحظت عليها جدتها ذلك الحزن، فدخلت عليها مسرعة لتعرف ما بها، لكنها لم تشأ الحديث، لم تخبر جدتها عن حكايتها مع ذلك الرجل، ظل ذلك السر بينها وبين صديقتها “سلمى”، الإنسانة الوحيدة التي تفهمها، صداقة دامت 6 سنوات بين الفتاتين، جمعت بينهما خلال الدراسة الثانوية والجامعية ومنذ أن التحقت هذه الأخيرة بثانوية “سارة”، بعد أن انتقلت رفقة عائلتها من بومرداس إلى الجزائر العاصمة..
وقد رافقتها “سلمى” في كل الجولة التي قامت بها لتوديع أصدقائها، حيث أخبرتهم أنها ستسافر لقضاء فصل الصيف ولم تخبرهم بأمر العملية الجراحية.
لقد كانت قوية، كانت مهيأة لهذا الموقف، لطالما كانت تشبه أباها في الصبر وتحمل المواقف المماثلة،
أما “سيد أحمد” فقد دخل في دوامة من الحزن، الفرح الذي عاشه في بضع أسابيع تحول إلى حزن مرير، تمنى لو قالت له أنها لا تحبه، وأن تخرج من حياته بهدوء كما دخلتها.
كان يعرف أن ابنته لن تبقى إلى الأبد إلى جانبه، فقط أسابيع الصيف وتمضي، وتضرب له موعدا آخرا، ولكنه لم يكن يعرف أن الحب الذي عاشه مع “سارة” سيذهب هو كذلك، ولكن دون أن يضرب له موعدا آخرا….
كان الموعد مؤجلا إلى حين….
مرض القلب أودى من قبل بحياة والدتها التي لم تقو على فراق والدها، توفيت بعد 4 سنوات من رحيله بذبحة صدرية، كانت حينها “سارة” في التاسعة من العمر.
وصلت للمطار رفقة جدتها وفؤاد، اللذين رافقاها في سفرها، طلبت من “سلمى” ألا تأتي لتوديعها وكذلك “سيد أحمد”..
ولكنه جاء إلى المطار، وظل يراقبها من بعيد، إلى أن ركبت الطائرة…
الواحدة ليلا وصلت إلى فرنسا…
في مساء الغد دخلت إلى المستشفى، بحضور الأطباء والأخصائيين، ومعهم “فؤاد” لدراسة حالتها قبل إجراء العملية….