الحلقة 25: التصالح
لم ترد أن تخبره بما سمعته من صديقتها، وانتظرت حتى يبدأ هو بالحديث عمّا كان يشغله في اليومين السابقين، لكنها تدرك أنه لن يتحدث في الأمر، حتى أنها لم تسأله أين كان في الصباح.. تركته على راحته.
لذلك تعاملت مع الموضوع بصورة طبيعية، ولم تظهر له قلقها …. فدخلت لأخذ قسط من الراحة بينما عاد هو إلى عمله …
كانت مستلقية على السرير، حتى سمعت صوت مهدي وهو يلعب مع الأطفال، بالقرب من منزلهم مع أصدقائه وكان بين الحين والآخر يتجه بنظره صوب بيت صديقه رؤوف ….
فنادت عليه ليلى من النافذة وطلبت منه الاقتراب من الباب.
سمع رؤوف والدته وهي تنادي على صديقه، فقفز من على سريره وجرى نحو النافذة، فلمح مهدي وهو يتجه نحو الباب ..
كان يتقدم بخطى بطيئة إلى البيت، وبمجرد أن وصل فتح الباب أمامه، ودعته ليلى للدخول:
- كيف حالك؟
– بخير..
– ووالدتك؟
– توقف قليلا عن الكلام ثم واصل … بخير.
بينما كان رؤوف يمشي متسللا من غرفته إلى أن وصل إلى المطبخ، حيث دخلت والدته رفقة مهدي، وقدمت له كوبا من الحليب وقطعة حلوى، وظل يسمع ما يجري بينهما.
كانت ليلى تتبادل مع مهدي الحديث، وأدركت من كلامه أنه يعيش ظروفا صعبة في البيت والخوف المستمر الذي تربى داخله سبب تلك الظروف.
– لكنك لم تسأل على صديقك، ماذا حصل؟
كان مهدي يهم بشرب الحليب، ولما سمع السؤال، ظل الكأس في يده، ولم يستطع أن يمضغ حتى قطعة الحلوى في فمه، ولم يجد الجواب، أما رؤوف فقد شعر بالارتباك، وأسرع يجري إلى غرفته وأغلق الباب، كان قلبه يدق بشدة …
سمعت ليلى أقدامه في الدرج، وعرفت بأنه كان قرب المطبخ وأنه قد سمع حديثهما، فأخذت تنادي عليه بالنزول …
كانت لديه رغبة في النزول ولقاء مهدي ولكن كبرياؤه كان يمنعه من ذلك، فدخلت عليه والدته، وأخذت تقنعه بأنه صديقه وأنه يحبه وهو مسكين وليس لديه أحد.
وفي الأخير اقتنع، فنزل، وجلس في الكرسي المقابل لصديقه. سكبت له والدته الحليب، وخرجت من المطبخ لتترك لهما فرصة التصالح بينهما ..
ظلا صامتين، لم يقل أحد أي كلمة، بعد أن أكمل مهدي حليبه، ظل يمتص في الكوب، وأحدث صوتا فالتفت إلى صديقه وانفجرا ضحكا، فقام رؤوف وسكب إلى مهدي المزيد من الحليب وقدم له قطعته من الحلوى …
وبعد انتهائهما خرجا مسرعين من البيت، للعب سوية.