الحلقة الأخيرة: درس الخمسين
ما زال المشهد يتكرر يوميا، منذ وفاتها..
ثلاث سنوات والجدة تقف يوميا على قبرها وقبر والدتها، تقرأ الفاتحة عليهما، وعلى ابنها، وتعود مباشرة للبيت..
كانت ما تزال تشعر بالذنب اتجاه حفيدتها، لم تتركها تعيش حياتها مثل باقي الفتيات في سنها، كانت تعتبرها امرأة خلقت من أجل قضية ومن أجل واجب…
لم تعرف أن الواجب كان أكثر من سنها، إلا لما فقدتها وهي في ربيع الشباب..
وهو ما كان يحز في نفسها، ظلت وإلى غاية أن توفت تتمنى لو ترجع “سارة” إلى الحياة فتمنحها كل ما حرمت منه…
أحد لم يكن يعلم بأن قلبها المريض وقبل أن يموت قد أحب شخصا ما، إلا “سلمى” التي كانت على علم بكل شيء، والتي لم تتقبل وفاة صديقتها، حتى أثر ذلك على نفسيتها وعلى تحصيلها الدراسي لذلك لم توفق في النجاح في السنة الرابعة، وأعادت العام الدراسي ..
وبقت “سارة” ذكرى جميلة تمر بين الحين والآخر في ذاكرة كل من عرفها، وكل من أحبها…
أما “سيد أحمد” فقد تغير مجرى حياته، لم يتحمل منظر البلاد الكئيب دون وجه “سارة”، قرر الابتعاد عن كل ما يذكره بها، وعن صورها التي بقيت عالقة في كل الأماكن التي ارتادها رفقتها والتي كان ينوي أخذها إليها…
صفى شركته في أرض الوطن، وغادر البلاد إلى كندا…
وظل في كل المناسبات ينزل فيها إلى أرض الوطن يزور قبرها…
يتذكر العلاقة البريئة التي جمعت بينهما والتي لم يكتب لها القدر أن تطول،
عام 2003 كان عاما مليئا بالفرح والحزن والمفاجآت.. وكان القدر هو البطل الذي سير كل مجريات الأحداث في ذلك العام..
في كل مرة يقف فيها عند قبرها تتأكد له حقيقة قصته مع هذه الفتاة، لم تكن إلا أحد دروس الحياة التي أراد القدر أن يقدمها له، حتى يشعر بقيمة الحياة، وأن يعيشها بطريقة صحيحة…
قبل أن يسافر تعهد أمام قبرها أنه أبدا لن يعود إلى حياته التي سبق وأن خرج منها لأجلها.. في كل مرة يقول لها “لقد وفيت بوعدي لك، أنا مازلت “سيد أحمد” الذي كنت تعرفينه..”
لقد اكتشف في الأخير أن قصته معها لم تكن تتعلق بقصة حب في الخمسين، بل هو درس في الخمسين…