الحكومة تستنفر 173مليار دينار لشراء السلم الاجتماعي
استنفرت الحكومة 163 مليار دينار، أي ما يعادل 1،6 مليون أورو السنة الماضية لتدعيم المواد واسعة الاستهلاك
انطلاقا من البطاطا، مرورا بالحليب ووصولا إلى السميد والفرينة، فضلا عن فقدان الخزينة العمومية لـ 9،6 مليار دينار جراء تخفيض الرسوم على المداخل العامة من الراتب الشهري، حيث جاء هذا الإجراء الأخير بالموازاة و قانون المالية لعام 2008، الذي خصص بدوره 166 مليار دينار للزيادة في شبكة الأجور الخاصة بقطاع الوظيف العمومي.
و جاءت سياسات الدعم المنتهجة من قبل الحكومة للمواد الاستهلاكية ، اثر ارتفاع أسعارها غير المسبوق في الأسواق الدولية، حيث تضاعفت الأسعار بمعدل ثلاث مرات عن تلك التي كانت متداولة بداية السنة المنصرمة وبشكل مفاجيء، لتجد مصالح الجهاز التنفيذي نفسها أمام غليان استثنائي ومتصاعد في الجبهة الاجتماعية، بدأت ملامحه الأولى منذ أزمة البطاطا ، التي لم يكن لها أي عامل أجنبي، مما اضطرها إلى اتخاذ تدابير عاجلة تجنبا لما لا يحمد عقباه، حيث أن دخان انفجار اجتماعي كان يلوح في الأفق متخذا من البحبوحة المالية حطبا له.
فقد خصصت الحكومة ، في أول ظاهرة تدخل مباشر في الأسعار، قيمة 2 مليار دينار لتدعيم منتوج البطاطا بعد الأزمة التي مست هذا المنتوج في السوق الوطنية وأدت إلى ارتفاع سعره إلى عتبة 100 دينار، و هي الأزمة التي تدخل بشأنها الرئيس بوتفليقة شخصيا باتخاذه قرارا يقضي بتخفيض الرسوم الجمركية على المستوردين و تخفيض قيمة الرسوم على القيمة المضافة، كونها إجراءات عملت على تخفيض السعر و استقراره في حدود الـ25 دينار، غير أن العملية أثارت قضية أخرى تعلقت باقتناء بطاطا فاسدة، مازالت أطوارها رهن المتابعة القضائية.
وبينما استمرت تداعيات أزمة البطاطا على المستوى المعنوي والنفسي للمواطن، انفجرت أزمة جديدة مست هذه المرة مادة الحليب الحيوية اثر إعلان المنتجين الخواص عن نفاذ المخزون السابق الذي كان بحوزتهم و توقفهم عن عملية الإنتاج بعد ارتفاع أسعار الغبرة في السوق الدولية،لينتهز المضاربون الفرصة ويرفعوا سعر الكيس إلى 50 دينار، فتضطر مصالح الحكومة مجددا إلى التدخل و تخصيص 15 دينارا كتدعيم للتر الواحد من الحليب قصد السماح بعودة المنتجين إلى نشاطهم، في حين ظلت أسعار الحليب المعلب المستورد مرتفعة، ليستقر إجمالي دعم الحليب من في حدود 22 مليار دينار، منها 20 مليار دينار فقط خلال السداسي الأول من السنة الماضية، علما أن إضراب منتجي الحليب في الثلاثي الأخير من نفس السنة، قد ضاعف بدوره من قيمة إجمالي الدعم، جراء اتخاذ الحكومة قرارا يقضي بدفع الديون المترتبة على هؤلاء المنتجين الخواص و المقدرة بـ 3،4 مليار دينار خلال شهري أكتوبر و نوفمبر المنصرمين، فضلا عن قيمة 3،2 مليار دينار في شهر ديسمبر فقط، مما يعني أن قيمة الدعم الإجمالي طيلة عام 2007 لمادة الحليب لوحدها بلغ قرابة الـ27 مليار دينار.
مسلسل الأزمات أمتد إلى الآونة الأخيرة ليحدث زوبعة في أسعار السميد بنوعيه الصلب و اللين، اثر ندرته وارتفاع أسعاره في السوق العالمية، و هو ارتفاع اثر بشكل مباشر على الأسعار المتداولة في السوق الداخلية، بالرغم من عدم إعلان الجهات الوصية عن نفاذ المخزون المتوفر لديها، حيث و صلت أسعار السميد إلى عتبة 5600دينار للقنطار الواحد، و هي أسعار أثارت سخطا و تذمرا كبيرين وسط المواطنين ، وخاصة في المناطق الجنوبية والداخلية من الوطن،بعدما أصبح رغيف الخبز مهددا ، و تخوفا من امتداد حرارته إلى أسعار الخبز ، خاصة بعد تهديد عدد معتبر من الخبازين بتوقيف نشاطهم ، فضلا عن التلويح بالإضراب، لجأت الحكومة مرة أخرى إلى تخصيص ما قيمته 80 مليار دينار بالنسبة للسميد و 55 مليار دينار بالنسبة لمادة الفرينة، حيث دخل هذا الدعم حيز التطبيق مع مطلع الشهر الجاري.
ومن المنتظر أن تشرع الحكومة في تدعيم مادتي زيت المائدة و البقول الجافة في الأيام المقبلة، أي بعد الانتهاء من إعداد الدراسة الخاصة بهما، بقيمة 12 مليار دولار.