الجزائريات يلجأن إلى الخلع بعد رفض الزوج الطلاق
يعتبر الخلع من الوسائل التي تلجأ إليها المرأة كحل أخير إذا ما شعرت باستحالة الاستمرار في حياتها الزوجية، حيث عرف مؤخرا وبشهادة أهل الاختصاص من محامين وقضاة ارتفاعا ملحوظا ليتحول بذلك من قضية إلى ظاهرة، حيث أصبحت المرأة تتخذه كوسيلة للانتقام وتهديد الزوج المتسلط أكثر منه كثمن لحريتها.
عرفت قضايا الخلع ارتفاعا ملموسا في السنوات الأخيرة الممتدة بين 2004 و2006 حيث تم تسجيل 3460 حالة؛ فسنة 2004 عرفت تسجيل 813 حالة، و170 قضية في 2005 و1477 في 2006. ولتسليط الضوء على الموضوع، قمنا بزيارة محكمة سيدي امحمد، قسم الأحوال الشخصية بالطابق السادس، وهناك استقبلنا من طرف كاتب الضبط الذي أوضح أن قضايا الخلع عرفت مؤخرا انتشارا كبيرا، خاصة بعد تعديل قانون الأسرة 2005 وعلى مستوى محكمتهم فقط تصل قضايا الخلع إلى 10 قضايا في الأسبوع الواحد. فوزية من بين النساء اللواتي لم تجدن سبيلا آخر لاستعادة حريتها سوى اللجوء إلى الخلع بعد رفض زوجها تطليقها، فرفعت دعوى تطليق أمام محكمة سيدي امحمد إلا أنها رفضت من طرف القاضي لعدم التأسيس، أي أنها لم تستطع إثبات وتقديم أسباب مقنعة للتطليق، فقامت بتحرير عريضة جوابية تطلب فيها الخلع، فحدد لها رئيس الجلسة مبلغ 5 ملايين سنتيم تدفعه لزوجها مقابل حريتها، ورغم ظروفها الاجتماعية الصعبة إلا أنها استدانت ذلك المبلغ لكي تخلعه. وأثناء متابعتنا لإحدى الجلسات المنعقدة بمحكمة سعيد حمدين، بفرع الأحوال الشخصية، شدت انتباهنا قضية السيدة “ف.ت ” التي أصرت على أن تخلع زوجها، رغم أنه وافق على طلبها الطلاق، وذلك ردا للاعتبار كما قالت. ومن جهته، قال الزوج إن موافقته على الطلاق جاءت على الرغم منه حتى يتفادى الخلع الذي يرى فيه إهانة له. من جهة أخرى بررت المحامية آيت مسعود ليندة انتشار الظاهرة مؤخرا بمعرفة المرأة لحقوقها واطلاعها عليها، خاصة بعد التعديل الذي مس قانون الأسرة. وعن إجراءات الخلع قال المحامي “حكيم” إنها أسهل وأسرع بكثير من إجراءات الطلاق؛ فالخلع لا يتطلب سوى 3 أو 4 جلسات، الجلسة الأولى مخصصة للصلح فإذا تمسكت الزوجة بموقفها يحكم لها في الجلسة 2 أو 3 وهذا لأن الشيء الذي يشترط فيه هو أن تعطي الزوجة لزوجها المهر الذي قدمه لها، فإذا اتفقا على المبلغ الذي سيقدم لا تكون هناك مشكلة أما إذا اختلفا عليه وحدث نزاع بينهما فيتدخل القاضي ويحكم بمقدار معين، اعتمادا على المهر. كما يرى المحامي أن الخلع هو أمر إيجابي أكثر منه سلبي؛ فالمرأة ترى فيه الحل الوحيد خاصة إذا ما كان زوجها متعسف ورفض تطليقها، كذلك إذا أرادت طلب التطليق منه لا تجد أسباب موضوعية تقدمها إلى المحكمة، كما أنه قد يمنع من حدوث أي جريمة كانتحار الزوجة مثلا أو قتل زوجها لكي تتخلص من ظلمه له. أما جانبه السلبي فيبقى في الناحية النفسية للزوج خاصة وأنه يرفض إعطاء زوجته الحرية بمقابل.
الخلع في الإسلام إنصاف للمرأة
قال الأستاذ بن مهدي ممثل وزارة الشؤون الدينية في اتصال مع “النهار” إن الخلع شرعه الإسلام لمساعدة المرأة على الخروج من الحالة الصعبة التي تعيشها مع زوجها، إذ من خلاله تفك الرباط الزوجي. ويضيف بن مهدي إن الخلع جائز في الإسلام، ومعناه أن تدفع المرأة مبلغا من المال للرجل على أن يفارقها. وأضاف ذات المتحدث أنه يحرم على الزوج أن يضيّق على زوجته ويدفعها إلى الخلع حتى يستفيد من المال المبذول له، لأنه كذلك يعتبر مالا حراما، خاصة إذا كانت نيته الإكراه والاستغلال والابتزاز.