إعــــلانات

البيت السعيد

البيت السعيد

إذا كان الكلام مهما بين الناس لتحقيق التعارف والتعاون والتكامل، فإنه أكثر أهمية بين الزوجين.

إذ يسهم الصمت في إرباك الحياة الزوجية، وإثارة الشكوك فيها، فقد تعتقد الزوجة انشغال زوجها بأخرى.

وقد يبادلها الزوج نفس الشك، وقد يظن كلا الطرفين أن الآخر يتخذ موقفا خاصا تجاهه.

فيدعي الإرهاق والتعب ليهرب من الحوار وجلسات النقاش، وهكذا تسهم الشكوك في شرخ جدار الزوجية.

والكلام والحوار هما الحل الأمثل لإعادة المياه إلى مجاريها، والحياة إلى طبيعتها.

سواء كان الصمت من الزوج أم من الزوجة، فإن مواجهته وتمزيقه بالكلام أمر حيوي، من أجل بقاء كيان الأسرة.

لأن الكلام عنصر من أهم عناصر التفاهم بين الزوجين والأولاد، فالبيت المسلم يقوم على مشاركة الزوجين.

ويهدف إلى السكن والمودة والرحمة، ولا سبيل إلى ذلك إلا بالاتصال بين الزوجين.

وذلك من أهم الواجبات الملقاة على عاتق كل منهما.

إن الأسباب المؤدية إلى الصمت بين الزوجين، تختلف باختلاف الأشخاص وطبيعة العلاقة بينهما، فقد يكون منها عدم الصراحة والوضوح بين الطرفين.

وقد يرجع بعضها إلى الرتابة في العلاقة الزوجية، أو كثرة المشاكل بين الزوجين سواء بسبب الأبناء أو بسبب الأمور المادية.

أهم ما نحتاج إليه لنغير حالة الصمت بحالة الحوار، هو أن يكون تشخيصنا لوظائف الصمت دقيقا.

فمن الممكن أن يكون الصمت للاسترخاء، فالصمت حالة تؤدي إلى الهدوء والصفاء.

وتؤهل الإنسان العامل والباحث عن مستوى أفضل في حياته المهنية لتجديد قواه وتوفير جهوده الذهنية لما يحتاج إليه عمله.

وقد يكون الصمت تعبيرا عن الخوف أو الضعف، وقد يكون نوعا من العصيان، وفي أوقات معينة يكون الصمت علامة الرضا.

وفي أوقات أخرى يكون دلالة على عدمه. وأيا كان السبب، فإن التغلب على الصمت الزوجي في يد كلا الزوجين.

فعلى كل طرف أن يراعي حقوق الطرف الآخر، لأن المشكلة تبدأ عندما يتجاهل كل من الطرفين حقوق الآخر.

وعلى الزوجين توفير مساحة زمنية للحوار والنقاش، وتبادل الرأي سواء فيما بينهما أو بين الأولاد.

لأن الإنسان بحكم تركيبه النفسي يحتاج إلى ذلك، والكلام أول درجة في سلّم الوصال.

ومن ثم فإن الصمت يمزق هذا الوصال، ويجب تجاوز أي مشكلة في الحياة الزوجية حيث لا يتعطل الاتصال.

وإذا حدث أي اختناق فلابد من التغلب عليه في أقصر وقت ممكن، ولا بد من الحوار حتى لو اضطر الزوجان إلى إلغاء هوايات مهمة.

حرصا على استقرار الحياة الزوجية التي تحتاج إلى تواصل دائم ومستمر بين الزوجين.

والزوجة قادرة على إلغاء الصمت من حياتها الزوجية حينما تعرف كيف تشارك زوجها في ميوله وهواياته والأحاديث التي تهمه.

ولكن من دون أن تتنازل عن مبادئها وما يهمها، وتستطيع الزوجة أن تتجاوز الكثير من المشاكل التي تعترضها.

من خلال تفهمها للأمور واستيعابها لحجم الضغط الذي يتعرض له زوجها خارج البيت.

وهي بذلك تحمي منزلها من الانهيار، وتخلق مساحة أكبر للحوار.

لا تُشعري زوجك بأنه في حالة استجواب دائم، لأنه يرى في هذه الحالة أن الصمت أفضل له من الشعور بأنه متهم، أو أنه في تحقيق قضائي.

اختاري الحديث المناسب قبل أن تشتكي من صمت زوجك، فليس من المعقول أن تكون كل مفردات حديثك.

ادفع.. هات اشتر. البيت يحتاج كذا وكذا، إلى ما لا نهاية من هذه الطلبات. وعندما يكون حديثك خاليا من هذه الكلمات سيخترق زوجك الصمت، وسيندفع في الكلام.

التحاور والتشاور لا يكون إلا من طرفين، أحدهما يتحدث والآخر يستمع ثم العكس.

ولا يعني أن أحدهما يرسل طوال الوقت أو يُتوقع منه ذلك، والآخر يستقبل طوال الوقت، أو يُنتظر منه ذلك.

وتكرار المبادرات بفتح الحوار، ومحاولة تغيير المواقف السلبية مسألة صعبة، لكن نتائجها أفضل من ترك الأمر، والاستسلام للقطيعة والصمت.

وإذا كانت حاجتنا شديدة وماسة لتعلم فنون الكلام، فإن حاجتنا ربما تكون أكثر وأشد لتعلم فن الإصغاء.

ليلى / باتنة

رابط دائم : https://nhar.tv/g2gqh