البيان المشترك الجزائري الليبي
توجت الزيارة الرسمية التي قام بها للجزائر رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي المستشار مصطفى عبد الجليل يومي 15 و16 افريل الجاري بصدور بيان مشت فيما يلي نصه الكامل: تجسيدا للروابط التاريخية والحضارية وعلاقات التعاون القائمة بين الجزائر وليبيا وبدعوة كريمة من عبد العزيز بوتفليقة قام المستشار مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي بزيارة رسمية إلى الجزائر يومي 15 و16 افريل 2012 رفقة وفد هام . حظي المستشار مصطفى عبد الجليل والوفد المرافق له باستقبال متميز وترحيب خاص يعكس متانة وعراقة العلاقات التاريخية والحضارية القائمة بين الجزائر وليبيا تجلت في أسمى صورها من خلال تلاحم الشعبين الشقيقين ابان ثورة أول نوفمبر المجيدة. أجرى قائدا البلدين مباحثات ثنائية تم خلالها استعراض العلاقات الثنائية القائمة بين البلدين والسبل الكفيلة بتفعليها وتعزيزها في مختلف المجالات بما يخدم المصالح العليا للشعبين الشقيقين وتطلعاتهما في التقدم والنماء والرفاه المشترك. وفي هذا الإطار أشاد المستشار مصطفى عبد الجليل بالسياسة الحكيمة التي ينتهجها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الرامية إلى تنمية البلاد اقتصاديا واجتماعيا وما حققته سياسة المصالحة الوطنية معربا عن إعجابه بالانجازات الكبرى التي تحققت للشعب الجزائري الشقيق. كما نوه بالإصلاحات السياسية الهامة التي خطتها الجزائر على درب تكريس الديمقراطية والتعددية والحرية والعدالة الاجتماعية لكافة مواطنيها . وجدد الشكر للجزائر على تضامنها مع الشقيقة ليبيا في إقامة دولتها الفتية وبناء مؤسسات الدولة والوقوف إلى جانبها في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخها المعاصر والتعبير عن استعدادها لتقديم السند للشعب الليبي في كل ما يطمح إليه من عزة وكرامة في كنف الوحدة والاستقرار. وأكد على أنه لمس لدى الجزائر حرصا أمينا ووقوفا صادقا مع ليبيا لرفع جميع التحديات التي تواجهها. ومن جانبه عبر عبد العزيز بوتفليقة رئيس الجمهورية عن عظيم غبطته وسروره بهذه الزيارة وهنأ أخيه مصطفى عبد الجليل على نجاح ثورة 17 فبراير 2011 متمنيا له وللشعب الليبي الشقيق النجاح والتوفيق في بناء مؤسساته الجديدة وإرساء دولة القانون بما يحقق طموحاته في الحرية والديمقراطية .
كما اتفق الطرفان على استئناف العمل بالآليات التي تحكم التعاون الثنائي بين البلدين بدءا باجتماع لجنة المتابعة قصد إجراء تقييم شامل للعلاقات الثنائية في مختلف مجالات التعاون وتحديد الأولويات ووضع خطة عمل وأهداف أساسية يتم تحقيقها خلال فترة زمنية معينة. وفي هذا الصدد أعرب الطرفان عن ارتياحهما للنتائج التي تمخضت عنها الزيارات المتبادلة بين الوزراء وكبار المسؤولين في البلدين والتي تؤسس إلى تعزيز العلاقات بينهما في مختلف المجالات . ودعا إلى تفعيل الإطار القانوني الذي يحكم العلاقات بينهما والتأكيد على ضرورة إرساء تعاون جاد وفعال في مجالات الطاقة والصناعة والتجارة والاستثمار وتوفير المناخ الملائم لمشاريع الشراكة والاستثمار بما يعكس الإمكانيات الحقيقية للبلدين. وأبدى الطرفان اهتماما خاصا لتنمية المنشآت القاعدية ومشاريع البنية التحتية على مستوى المناطق الحدودية وشددا على ضرورة الإسراع في اتخاذ الإجراءات اللازمة لتسهيل حركة تنقل الأشخاص بين البلدين وتفعيل المنفذ الحدودي المشترك (دبداب عدامس) بما يساهم في تسيير حركة نقل البضائع والرفع من حجم المبادلات التجارية وضمان انسيابها والإسراع في استئناف الرحلات الجوية بين البلدين والعمل على وضع إستراتجية تنموية مشتركة تهدف إلى إقامة مشاريع تكاملية في مختلف المجالات بما يكفل تنمية المناطق الحدوبة بين البلدين ويجعل منها جسرا لدعم أواصر القربى بين الشعبين الشقيقين . ثمن الطرفان الارادة القوية التي تحدو البلدين لإقامة تعاون امني شامل ومتعدد يحفظ سلامة حدودهما ويصون مصالحهما ويرفع من قدرتهما العملياتية لمواجهة الإرهاب والجريمة المنظمة والاتجار غير المشروع بالاسلحة والمخدرات والهجرة غير الشرعية والتهريب بمختلف اشكاله. ولتأمين حدودهما المشتركة تعهدت الجزائر بعدم استعمال أراضيها لتهديد أمن واستقرار ليبيا كما تعهدت ليبيا بعدم استعمال اراضيها لتهديد أمن واستقرار الجزائر. وقد تطرق الجانب الليبي إلى موضوع تسليم عائلة القذافي وبعض عناصر من النظام السابق لمحاكمتهما في ليبيا وفي رده أكد الجانب الجزائري أن استقبال هذه العائلة تم لأسباب إنسانية محضة وأن الحكومة الجزائرية حريصة على عدم السماح لأي فرد منها أن يقوم بأنشطة قد تؤدي إلى المساس بأمن واستقرار ليبيا. وفي هذا السياق عبر المستشار مصطفى عبد الجليل عن شكره وامتنانه ل عبد العزيز بوتفليقة رئيس الجمهورية على الدعم الفعال الذي لقيته ليبيا من الشقيقة الجزائر واستعدادها للاسهام في مجال التدريب وتكوين الضباط وأعوان الشرطة والحماية المدنية وتكوين المكونين ووضع خطة عمل للاستجابة لمتطلبات الجانب الليبي من معدات وتجهيزات وقدرات بشرية.
كما تبادل الطرفان وجهات النظر حول التطورات والتحولات التي تشهدها المنطقة وأكدا على أهمية التشاور والتنسيق المستمرين بين البلدين حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المتشارك. ولدى تطرقهما إلى اتحاد المغرب العربي وما تشهده المنطقة من تحولات عبر الطرفان عن إرادتهما في تفعيل مؤسسات اتحاد المغرب العربي وهياكله وفق مقاربة واقعية ومتدرجة تحقق التكامل والاندماج الاقتصادي بين الدول الأعضاء وتعزز مكانة البلدين المغاربة ودورهما على الساحتين الإقليمية والدولية وبخصوص الأوضاع في منطقة الساحل أكد الرئيسان على أهمية تكثيف التنسيق والتشاور بين البلدين لمواجهة الأخطار التي تهدد أمن المنطقة والتنديد بكل محاولات التقسيم والمساس بالوحدة الترابية لهذه البلدان كما تطرقا إلى الوضع في مالي وانعكاساته على استقرار الدول المجاورة داعيين الى ضرورة استعادة النظام الدستوري واستئناف العملية الديمقراطية في البلاد والعمل كدول مجاورة على بذل الجهود لمرافقة مالي في إيجاد تسوية لمشاكله في الشمال في إطار الحوار والحفاظ على الوحدة الترابية لهذا البلد. كما استعرضا التطورات الأخيرة التي شهدتها المنطقة والعالم العربي وأكد على تطابق وجهات نظرهما حول مجمل المسائل التي تم بحثها مؤكدين في ذات السياق تمسكهما بالعمل العربي المشترك وضرورة إعطاء فرصة كاملة لخطة السيد كوفي عنان مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية لحل الأزمة السورية وتمسكهما بأهداف الاتحاد الإفريقي ومبادرة الشراكة الجديدة من اجل تنمية إفريقيا “نيباد” والتزامهما بتكثيف الجهود لترقية السلم والأمن والاستقرار في إفريقيا. كما جددا دعمهما الثابت والموصول للشعب الفلسطيني الشقيق في كفاحه من اجل استرجاع حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. وجرت المباحثات بين الطرفين في جو سادته روح الأخوة والتفاهم المتبادل. وفي هذا الصدد أعرب فخامة المستشار مصطفى عبد الجليل عن عميق شكره وامتنانه للرئيس عبد العزيز بوتفليقة للاستقبال الحار والحفاوة الأخوية التي حظي بها والوفد المرافق له طيلة إقامته بالجزائر. وبهذه المناسبة وجه للرئيس دعوة للقيام بزيارة رسمية إلى ليبيا وقد تم الترحيب بها على أن يتم تحديد تاريخ تجسيدها باتفاق مشترك عن طريق القنوات الدبلوماسية .