إعــــلانات

الإحْسَان أعظـم درجات العبادة

الإحْسَان أعظـم درجات العبادة

قال صلى الله عليه وسلم: “الإحْسَان أن تعبد الله كأنَّك تراه فإن لم تكن تراه فإنَّه يراك”

صور الإحْسَان كثيرة منها الإحسان في العبادات والإحسان في المعاملات والإحسان إلى الحيوانات والإحسان في الأعمال البدنية، فالإحْسَان في باب العبادات أن تؤدِّى العبادة أيًّا كان نوعها، مِن صلاة أو صيام أو حجٍّ أو غيرها أداءً صحيحًا، باستكمال شروطها وأركانها، واستيفاء سننها وآدابها، وهذا لا يتمُّ للعبد إلَّا إذا كان شعوره قويًّا بمراقبة الله عزَّ وجلَّ حتى كأنَّه يراه تعالى ويشاهده، أو على الأقلِّ يشعر نفسه بأنَّ الله تعالى مطَّلع عليه، وناظرٌ إليه، فبهذا وحده يمكنه أن يحسن عبادته ويتقنها، فيأتي بها على الوجه المطلوب، وهذا ما أرشد إليه الرَّسول صلى الله عليه وسلم في قوله: “الإحْسَان أن تعبد الله كأنَّك تراه فإن لم تكن تراه فإنَّه يراك”.

وفي باب المعاملات فهو للوالدين ببرِّهما بالمعروف، وطاعتهما في غير معصية الله، وإيصال الخير إليهما، وكفِّ الأذى عنهما، والدُّعاء والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما، وإكرام صديقهما، والإحسان للأقارب ببرِّهم ورحمتهم والعطف عليهم، وفعل ما يَجْمُل فعله معهم، وترك ما يسيء إليهم.

وهو لليتامى بالمحافظة على أموالهم، وصيانة حقوقهم وتأديبهم وتربيتهم بالحسنى والمسح على رؤوسهم، والإحسان للمساكين بسدِّ جوعهم، وستر عورتهم، وعدم احتقارهم وازدرائهم، وعدم المساس بهم بسوء، وإيصال النَّفع إليهم بما يستطيع، وهو لابن السَّبيل بقضاء حاجته وسدِّ خلَّته ورعاية ماله وصيانة كرامته، وبإرشاده إن استرشد وهدايته إن ضلَّ.

وهو للخادم بإتيانه أجره قبل أن يجفَّ عرقه، وبعدم إلزامه ما لا يلزمه أو تكليفه بما لا يطيق وبصون كرامته واحترام شخصيَّته، كما أنه لعموم النَّاس بالتَّلطُّف في القول لهم ومجاملتهم في المعاملة وبإرشاد ضالِّهم وتعليم جاهلهم والاعتراف بحقوقهم، وبإيصال النَّفع إليهم وكفِّ الأذى عنهم.

وهو للحيوان بإطعامه إن جاع ومداواته إن مرض وبعدم تكليفه ما لا يطيق وحمله على ما لا يقدر، وبالرِّفق به إن عمل وإراحته إن تعب، وهو في الأعمال البدنيَّة بإجادة العمل، وإتقان الصَّنعة وبتخليص سائر الأعمال مِن الغش، وهكذا. 

الإحْسَان في عبادة الله

إن الإحْسَان في عبادة الله له ركن واحد بيَّنه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بقوله: بأن “تعبد الله كأنَّك تراه فإن لم تكن تراه فإنَّه يراك”، فأخبر النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أنَّ مرتبة الإحْسَان على درجتين، وأنَّ المحسنين في الإحْسَان على درجتين متفاوتتين، الدَّرجة الأولى: وهي (أن تعبد الله كأنَّك تراه)، والدَّرجة الثَّانية: “أن تعبد الله كأنَّه يراك”، والمعنى إذا لم تستطع أن تعبد الله كأنَّك تراه وتشاهده رأي العين، فانزل إلى المرتبة الثَّانية، وهي أن تعبد الله كأنَّه يراك، فالأولى أن تكون عبادة رغبة وطمع، والثَّانية عبادة خوف ورهب.

الإحْسَان إلى الوالدين

جاءت نصوص كثيرة تحثُّ على حقوق الوالدين وبرِّهما والإحْسَان إليهما قال تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) الإسراء: 23-24.

وقال القرطبي: (قال العلماء: فأحقُّ النَّاس بعد الخالق المنَّان بالشُّكر والإحْسَان والتزام البرِّ والطَّاعة له والإذعان مَن قرن الله الإحْسَان إليه بعبادته وطاعته، وشكره بشكره، وهما الوالدان، فقال تعالى: (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ) لقمان: 14.

وقوله تعالى: (قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) الأنعام: 151.

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أيُّ العمل أفضل؟ قال: “الصَّلاة لوقتها”، قال قلت: ثمَّ أي؟ قال: “برُّ الوالدين”. قال قلت: ثمَّ أي؟ قال: “الجهاد في سبيل الله”).

قال الرَّازي: أجمع أكثر العلماء على أنَّه يجب تعظيم الوالدين والإحْسَان إليهما إحسانًا غير مقيَّد بكونهما مؤمنين، لقوله تعالى: (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) البقرة:83.

رابط دائم : https://nhar.tv/phuq4
إعــــلانات
إعــــلانات