اعتبروا تعليمة وزارة التجارة مجحفة في حقهم…التجار يصرون على تغيير نشاطهم خلال شهر رمضان ويستنكرون تعليمة الوزارة
محلات الأرياف بعيدة عن أنظار المراقبين وبعضها تفتح في هذا الشهر
تحول أغلب المحلات التجارية نشاطها المعتاد خلال شهر رمضان تماشيا مع رغبات المواطنين التي تنصب على نوع معين من المأكولات وهو ما وقفت عليه “النهار” من خلال الاستطلاع الذي قامت به، في حديث مع بعض أصحاب المحلات التي تنتشر عبر المدن الكبرى على وجه الخصوص، إذ تبين أن هذه الأخيرة تغير نشاطها كليا كتلك المتخصصة في بيع “البيتزا” والمرطبات، وكذا بعض المطاعم الصغيرة. فيما تضفي محلات أخرى تغييرا على منتجاتها التي كانت تعدها قبل شهر الصيام على غرار المخبزات والمطاعم الكبرى التي تسعى جاهدة لمسايرة متطلبات هذا الشهر الكريم والمأكولات المطلوبة من “شربة فريك” و”الحريرة” وغيرها.
وقد ارتأينا التطرق لهذا الموضوع الذي يتكرر كل سنة خاصة مع بداية حلول شهر رمضان، إذ تتزين الشوارع بأنواع الحلويات وتزدهر بالحركية وواجهات المحلات، مما يمكن اعتبارها مقومات مدروسة وفق معايير خاصة تهدف لتجسيد كل أنواع الإغراء التي من شأنها جلب المشتري وهو ما يفسر الإقبال الكبير للصائمين على الحلويات التي تعرض في الأرصفة وكذا داخل المحلات ذات الواجهات المطلة على الشوارع العمومية، وقد قمنا رصد تطلعات التجار وآفاقهم خلال شهر رمضان.
كما أن ما دفعنا للقيام بهذا الاستطلاع، التعليمة الأخيرة الصادرة عن وزارة التجارة والتي تهدد باتخاذ إجراءات صارمة ضد التجار الذين سيغيرون نشاط محلاتهم قبل دخول شهر رمضان، العادة التي تتكرر كل سنة لدى أغلب المحلات، خاصة منها ذات النشاط الذي لا تتماشى منتجاته ومتطلبات المواطنين أثناء هذا الشهر الكريم. وقد أبدى أصحاب هذه المحلات على وجه الخصوص استنكارهم لهذه التعليمة التي اعتبروها غير منطقية ومجحفة في حقهم، بالنظر إلى طبيعة النشاط الذي يزاولونه والمدون على سجلاتهم التجارية، كما يوجد من استغربوا هذه التعليمة لأنهم لم يسمعوا بها، واعتبروا من جهة أخرى هذا القرار ضربة موجعة لهم لأنه لا محالة سيؤدي إلى الغلق الكلي لمحلاتهم خلال شهر رمضان في حالة تكثيف أعوان الرقابة لنشاطهم.
“السعدي” هو أحد الخبازين الذين يزاولون نشاطهم المعتاد في إعداد الخبز خارج شهر رمضان، حدثنا وبكل صراحة: “أنا عامل ولست صاحب المحل اشتغلت في عدة مخبزات سواء في شهر رمضان أو خارجه. كما أني أتقن إعداد الحلويات التقليدية وغيرها مما هو مطلوب خلال شهر الصيام، كل المحلات المختصة في إنتاج المأكولات الخفيفة ستغير نشاطها عند حلول رمضان لأنه لن يكون في وسعها بيع “البيتزا” أو غيرها من المنتجات المشابهة لها إبان هذا الشهر، فهي بذلك تسعى جاهدة لتكثيف نشاطها خاصة أمام المنافسة التي يشهدها هذا الشهر الفضيل في اقتناء شتى أصناف المأكولات”.
الزلابية.. البقلاوة وقلب اللوز أكثر الحلويات مبيعا
تصدرت الحلويات التقليدية قائمة المنتجات التي تتطلع إلى إعدادها أغلب المحلات باعتبارها الأكثر انتشارا خلال شهر رمضان وأفضل ما يوضع على المائدة بعد الفطور، إلى درجة أنه اصطلح عليها باسم “حلويات السهرة” عند أغلب الذين التقت بهم “النهار” من جهة وكذا أصحاب المحلات الذين برروا تغيير نشاطاتهم إلى إنتاج الحلويات بذلك، إلى جانب كثرة الطلب عليها، إذ يقول سمير صاحب مخبزة ببوزريعة:” لا يمكنني تغيير نشاط محلي بدرجة مائة بالمائة حتى لا يتناقض واللافتة المعلقة على الواجهة وبالتالي جلب انتباه المراقبين، لكنني أنتج حلويات تقليدية زيادة على الخبز الذي يظهر بأنواع شتى للمشتري، إذ يمكن القول أننا ننتج حوالي ستة أصناف على الأقل من الخبز بخلاف الشهور الأخرى التي ننتج فيها ثلاثة أنواع وهي (الخبز العادي، خبز الشعير وخبز السميد)، وكذا الحلويات التقليدية التي تظهر بأجمل صورة وتحت عدة أصناف وأسماء هي الأخرى، رغم أن مادة صنعها واحدة.
ولم يتحفظ أصحاب المحلات الصغيرة وبعض المقاهي عن الإفصاح عن نيتهم الرامية إلى إنتاج الحلويات التقليدية أو تحويلها إلى مركز لبيع المواد التي تدخل دائما ضمن صنف الحلويات كـ”النوقة” بشتى أنواعها والفلان وغيرها، وقال في ذات السياق أحد العاملين بمطعم كائن مقره بـ”بابا احسن” إن هذا الأخير سيدخل تعديلات على الوجبات التي يعدها قبل شهر رمضان تماشيا مع ما تتطلبه وجبة الصائم وكذا تقاليد مائدة رمضان بالنسبة للمجتمع الجزائري، على غرار “الشربة والحريرة” إلى جانب أنواع الحلويات التي تتوفر بالمطاعم خلال هذه المرحلة من الحليب، اللبن، التمر وأصناف الحلويات كالزلابية، قلب اللوز… وكذا الفواكه كالتفاح، الموز وفواكه أخرى مما يتوجب حضوره على المائدة.
محلات الأرياف كلها ستبيع الزلابية وقلب اللوز في رمضان
بعد محلات الأرياف عن أنظار المراقبين الذين قد يعيقوا نشاطها في تطبيق تعليمة وزارة التجارة جعلهم ينتظرون حلول شهر رمضان بفارغ الصبر واستقباله ببيع أنواع الحلويات التقليدية وإقامة السهرات بداخلها على أنغام “خبطات الديمينو” ، “الكارطا” والرامي وغيرها من الألعاب التي تستهوي الشباب، إضافة إلى المحلات التي تتحول إلى سينما عبر شاشة التلفاز وذلك على مدار شهر رمضان، نظرا لبعد سكان هذه المناطق عن أقرب سوق تمكنهم من اقتناء متطلباتهم. كما توجد محلات بالأرياف تفتح فقط أثناء شهر رمضان نظرا لما تدره التجارة خلاله من أرباح وفيرة.