اشتباك فقهي حول “تعري نور الشريف”
دخل رجال الدين على خط الجدل الساخن حول المشهد الذي يظهر فيه نور الشريف عاريا، وهو يتعرض للتعذيب في سجن أبو غريب خلال دوره في فيلم “ليلة البيبي دول”…
واعتبر بعض رجال الدين أن ما فعله الشريف -حتى لو ارتدى سروالا بلون الجسم كما قالت الشركة الممنتجة- هو فعل فاضح خادش للحياء داعين لضرورة حذف تلك المشاهد قبل عرض الفيلم، فيما أجاز رجال دين آخرون هذا المشهد معتبرين أن الضرورة الفنية تجيز مثل هذا المشهد.
ورأى الكاتب والمفكر الإسلامي جمال البنا شقيق الشيخ حسن البنا مؤسس الإخوان المسلمين إمكانية النزول عند مقتضي الضرورة الفنية. ويشير إلى إمكانية اللجوء للخدع الفنية، بحيث يمكن الإيحاء بأن الفنان يبدو عاريا، بينما يكون ساترا عورته، بحسب صحيفة القدس العربي اللندنية.
ويرى البنا أن الفن لغة حياة ووسيلة من وسائل الدعوة إلى المولى عز وجل؛ لذا فليس من المنطق أن تحرم تلك الوسيلة.
ويهاجم الشيخ أحمد محروس الذين ينددون بصور نور الشريف التي يظهر فيها شبه عار، ويؤكد أن الادعاء بأن تلك المشاهد سوف تثير شهوة الناس ليس له ما يسوغه، كما أنه يعد ادعاء لا يقره العقل، فكيف يكون من يتعرض للتعذيب في أبو غريب ويجر بالسلاسل كالحيوانات، مصدر غواية للنساء أو إلى الشهوة والخطيئة.وينتقد إمام مسجد الرحمة الشيخ أشرف محمد رأي محروس، ويرى أن عورة الرجل من سرته إلى ركبته كما يقر الشرع، وبالتالي فلا يمكن الترخيص لنور الشريف بأن يظهر عاريا معتبرا أن الذين يتحدثون عن الضرورة الفنية بأنهم ضلوا وأضلوا، وذلك لأن الإسلام لا يعرف شيئا تحت هذا المسمى.
في المقابل، أكد الداعية يوسف البدري أن الإسلام ينهي عن خروج الرجل عاري الجسد مهما كانت الأسباب نافيا ما يردده البعض حول أن جسد الرجل ليس بعورة.
وقال إن الرجل حينما يظهر من جسده أكثر مما يخفي يصبح مصدر إغواء للنساء والفتيات، ولذا فإن الإسلام أمرنا بستر العورة واعتبر ما يردده البعض بأن كامل جسد الرجل ليس بعورة بأنه كلام يفتقر للصدق؛ وذلك لأن عورات الرجال محظور عليهم كشفها أمام الآخرين.
وانتقد يوسف الذين يتحدثون عن نظريات لا أصل لها في الدين بشأن الضرورة الفنية مؤكدا أن فن التمثيل محرم في الإسلام.وهاجم الشيخ محمد حسان الذين يكشفون أجسادهم سواء من الرجال والنساء، وأكدأنهم يعملون علي نشر الفواحش بين الناس، ودعا لضرورة سن قوانين تحظر بث الأفلام والمسرحيات التي يظهر فيها الفناينن وهم يستعرضون أجسادهم.
وطالب الشيخ حمدي الحلواني من علماء الأزهر الشريف بوضع شروط صارمة لمنع صناع الأفلام السينمائية من تقديم أفلام تخدش الحياء العام.
وبالرغم من أن نور الشريف كان يجسد شخصية عراقي يتعرض للتعذيب في سجن أبو غريب فإن الحلواني رأى أنه لا يحل له الظهور عاريا بأي حال.
وتساءل الشيخ أشرف أبو طالب إمام مسجد أنس بن مالك بحي الهرم ماذا سيضيف الممثل بظهوره عاريا أكثر مما أضافته تلك المشاهد الحقيقية التي ظهر فيها معتقلون عراقيون وهم يعذبون علي يد إحدى المجندات الأمريكيات، وهي المشاهد التي بثتها عدد من الفضائيات وأحرجت الإدارة الأمريكية؟ غير أن عددا من العلماء يرفضون ما ذهب إليه أصحاب الرأي السابق، الذين نهوا عن ظهور نور الشريف عاريا.
يذكر أن الفيلم الذي أثار الجدل قبل ظهوره هو آخر ما كتب الراحل عبد الحي أديب ومن إخراج ابنه عادل أديب، والذي صرح للقدس العربي بأن نور استعان بسروال بلون الجلد من أجل تصوير مشاهد سجن أبو غريب، وأنه سيتم الاستعانة بخدع في أحد المعامل الفرنسية ليبدو كالعاري نافيا ما تردد في هذا الشأن.ويلعب الفنان نور الشريف في “ليلة البيبي دول” دور مراسل حربي مصري لإحدى القنوات الفضائية في العراق، يتعرض للاعتقال والتعذيب. وفيما بعد يتم نقله إلى سجن أبو غريب، حيث يظهر نور الشريف وسط الديكور الذي يمثل مشهدا داخليا للزنزانات ومكاتب الجنود والضباط الأمريكيين في سجن أبو غريب، يقف عاريا أثناء تعرضه للتعذيب الشديد على أيدي الجنود الأمريكيين.
ويتبين أن مدير السجن الأمريكي الذي يؤدي دوره الفنان جميل راتب يجهل ما يجري في سجنه من جهة، ومن جهة ثانية، أن هناك معرفة سابقة بين نور الشريف “عوضين السيوفي” وقائد السجن الأمريكي.
ويستطيع نور الشريف العسكري السابق، الذي شارك في حرب أكتوبر 1973 أن يهرب من معتقله خلال قيام الأمريكيين بنقله إلى المستشفى لمعالجته من آثار التعذيب، التي كادت تودي بحياته، ويتجه لإقامة تنظيم مقاوم يواجه الاحتلال الأمريكي على أرض العراق.
الفيلم هو الإنتاج الأضخم في تاريخ السينما المصرية، والذي تبلغ ميزانيته 40 مليون جنيه “سبعة ملايين دولار تقريبا ” وبدأ تصويره في شهر سبتمبر. ومن بطولة مجموعة كبيرة من النجوم العرب، مثل محمود عبد العزيز، نور الشريف، ليلى علوي، محمود حميدة، جمال سليمان، سلاف فواخرجي، نيكول سابا، غادة عبد الرازق. وهو من إخراج عادل أديب عن آخر سيناريو لوالده عبد الحي أديب -شيخ كتاب السيناريو المصريين- الذي رحل هذا العام.