“إيمان” تستنجد بذوي القلوب الرحيمة لإنقاذ بصرها
“إيمان محمودي”، طفلة في الحادية عشر من عمرها، شاءت الأقدار أن تصاب وهي في الشهر التاسع بمرض جلدي وراثي خطير يدعى “قزيروديرما بيقمونتوزوم”، أو جفاف الجلد، إنتشر على كامل جسدها النحيف، وبالأخص على وجهها الذي أجريت عليه أكثر من 11 عملية جراحية، وهي اليوم تناشد ذوي القلوب الرحيمة مساعدتها بالأدوية حتى لا تفقد بصرها.
بإبتسامة جميلة إستقبلتنا البرعمة “إيمان” بقبو ببوسماعيل بولاية تيبازة أجره والدها بمبلغ ثمانية آلاف دينار شهريا منذ تسع سنوات للإقامة فيه برفقة والدتها وأختها الوحيدة “هالة” التي تحصلت خلال العام الماضي على شهادة التعليم المتوسط. أثناء حديثها إلينا، أكدت أن المرض الجلدي الخبيث أجبرها على مقاطعة العالم الخارجي الذي لا تتصل به إلا ليلا نتيجة حساسية هذا المرض من تعرضها لأشعة الشمس وحتى الإنارة تفاديا لإصابتها بمضاعفات صحية خطيرة قد تؤدي بها إلى فقدان بصرها.
“إيمان”، وحسب والدتها التي عانت كثيرا جراء هذا المرض الخبيث الذي أصاب فلذة كبدها، كانت ثمرة زواج أقارب، و تركها زوجها لوحدها وهي حامل ببيت أهلها وتوجه لأداء واجب الخدمة الوطنية، عانت خلالها الأمرين حيث حاولت يومها إسقاط الجنين للتخلص منه، خاصة وأن إبنتها البكر كانت رضيعة، كما أن ظروفها الاجتماعية والمادية كانت صعبة للغاية.
ولدت إيمان ولادة طبيعية، غير أنه بعد مرور تسعة أشهر عن ولادتها بدأت تظهر على جسدها النحيف، خاصة على يديها، نقاط سوداء كانت الأعراض الأولى للإصابة بهذا الداء الخطير، وعند نقلها إلى طبيب الجلد كانت الفاجعة، حين أخبرها بأن مرض إبنتها لا علاج له وأنه سيلازمها طيلة حياتها، حينها تحولت حياة الأسرة كلها، تقول الوالدة، إلى جحيم ومعاناة يومية، خاصة وأن هذا المرض يتطلب عناية مركزة، في حين تعيش العائلة بإمكانيات جد متواضعة، يحاول الوالد تلبية انشغالاتها بالكاد، فهو موظف بسيط بمجمع اللغة العربية.
وحسب الأطباء المتخصصون في علاج هذا المرض الخطير الذي أصاب “إيمان” وهي رضيعة، فانه ناجم عن نقص في مناعة الجسم ضد أشعة الشمس التي لا تتحملها مما جعلها غير قادرة على الخروج من المنزل نهارا حيث أصبح كظل لا يفارقها. ففي الوقت الذي يكون فيه الأطفال يمرحون ويلهون أو بمقاعد الدراسة يزاولون تعليمهم تكون إيمان منزوية بغرفتها المظلمة التي لا تدخلها الشمس بأمر من الطبيب الخاص.
“إيمان” وهي تتحدث لنا عن معاناتها مع هذا المرض الخبيث أذرفت دموعا غزيرة على حرمانها من طفولتها ومن نعمة التعلم الذي تعشقه بشكل جنوني حتى تكون طبيبة وتعالج المرضى الذين لا يشعر بمعاناتهم إلاّ من ذاق طعمه المر، تقول “إيمان” التي لم تحرمها ظروفها الصحية من الاستنجاد بثلاث أستاذات تطوعن لتعليمها اللّغات العربية، الفرنسية والانجليزية .
وراحت الأسرة تشرح طبيعة المرض، موضحة أنّه يظهر بعد التعرض لأشعة الشمس حيث تبرز بقع حمراء صغيرة تتسع وتكبر شيئا فشيئا ويتغير لونها إلى البني، مما يستدعي وفي كل مرة إجراء عملية جراحية لنزعها وإقتلاعها من جذورها مما تسبب في خلق معاناة وآلام كبيرة لإيمان التي لا تتصور وجود أحد يمكنه أن يشعر بالألم والعذاب الذي ينهش جسدها، وهي متخوفة جدا من فقدانها لبصرها بعد أن إمتد المرض إلى عينيها، التي أصبح يخرج منها الدم الناجم عن تحول البقع التي تنتشر بعينيها.
“إيمان” إستغلت إستضافة جريدة “النهار” ببيتها العائلي الكائن ببوسماعيل لتناشد ذوي القلوب الرحيمة مساعدتها بالأدوية غير المتوفرة، خاصة مرهم “ايفوديكس”، ومراهم أخرى مضادة للشمس، كما تأمل في زيارة المحسنين لها حتى لا تشعر بالوحدة التي تقتلها.