إعلان وقف القصف يهدف إلى العودة بالفلسطينيين إلى لعبة المفاوضات
دعا الدكتور ماهر الطاهر مسؤول الجبهة الشعبية الفلسطينية في الخارج في حوار لـ”النهار” السلطات الفلسطينية، حكومة وأحزاب وفصائل إلى استخلاص الدروس المحنة الماضية وتجاوز
كل الاختلافات والعمل من اجل الوقوف على أرضية صلبة وبالتالي، والتخطيط من اجل إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية، على ساس إزالة الاحتلال والتمسك بالثوابت استنادا إلى وثيقة الوفاق الوطني و ترجمتها والعمل من جديد من اجل تطبيقها على ارض الواقع، وأضاف في سياق آخر أن قرار وقف إسرائيل وقف إطلاق النار بدعوى الضمانات المصرية الأمريكية، يهدف إلى الرمي بالقادة الفلسطينيين في لعبة المفاوضات لإجهاض هذا النصر، كما حصل في حرب أكتوبر.
النهار : ألم يتأخر العرب في عقد قمة غزة بالدوحة لاتخاذ قراراتهم بشان الوضع في غزة؟
العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، هو جريمة ومحرقة اقترفتها الصهيونية والكيان الصهيوني في حق شعب غزة الأعزل، ومن الطبيعي أن يترتب عليها عقد اجتماع طارئ من طرف الدول العربية لبحث هذه الجريمة وهذا العدوان، لان ما جرى في غزة في غاية الخطورة، خاصة عندما يتعلق الأمر بقتل النساء والشيوخ والأطفال وتدمير المساجد والبنى التحتية، هذه همجية ونازية كانت تتطلب من الدول العربية أن تعقد اجتماعا طارئا للقمة من اجل بحث وتدارس النظام وسبل وقف هذه الجريمة، ولكن للأسف النظام الرسمي العربي يعيش حالة انهيار وتناقضات، بحيث عجزت الدول العربية أن تعقد اجتماعا للقمة، ومن هنا تداعت بعض الدول العربية وعقدت قمة الدوحة التي حضرها عدد من الدول العربية، حيث اتخذ هذا اللقاء عدد من القرارات لما تطرحه الجماهير العربية.
النهار : ماذا عن الموقف الرسمي العربي؟
النظام الرسمي العربي في غالبيته خاضع للولايات المتحدة الأمريكية، ولا يملك إرادة سياسية، وهو عاجز عن اتخاذ المواقف التي تتناسب وحجم التحدي ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية ولا يتخذ مواقف جادة تدافع عن الأمن القومي العربي وبالتالي نحن أمام مشكلة حقيقية أمام الموقف الرسمي العربي، لان هذا الأخير لا يستجيب لمطالب الجماهير التي خرجت إلى الشوارع، الأمر الذي يبين أن إرادة الحكام منفصلة عن طموح الشعوب.
النهار : دول عربية فضلت الاجتماع في الكويت بزعامة مصر والمملكة السعودية، وأخرى فضلت الاجتماع في الدوحة بقيادة المبادرة القطرية؟
الحقيقة أننا كنا نتمنى عقد قمة عربية عاجلة أمام عنوان واحد وهو “الجريمة التي اقترفت ضد قطاع غزة”، والوقوف أمام العدوان الصهيوني لوقف هذا العدوان، هذه القمة كان يجب أن تنعقد مع بداية العدوان لكن للأسف لم يحصل ذلك؟، أما قمة الكويت فهي قمة اقتصادية كانت مقررة منذ السابق، و تضمن جدول أعمالها القضايا الاقتصادية فحسب، ولهذا لا يمكن بحث العدوان الإسرائيلي على غزة، وجريمة بهذا الحجم وتطورات سياسية التي صاحبته في قمة اقتصادية مقرر منذ زمن بعيد، والفاصل بين انعقادها والعدوان 21 يوما فقط، حيث قامت هذه الأطراف على هامش هذه القمة بعقد لقاء تشاوري، الأمر الذي يبعثنا على التساؤل: هل هذه هي النظرة العربية للعدوان الصهيوني على غزة؟.
النهار : وما تعليقكم على القرارات التي خرجت به قمة الدوحة؟
دعت قرارات قمة الدوحة لقطع العلاقات مع إسرائيل بالنسبة للدول العربية التي تقيم علاقات مع إسرائيل، ووقف كل أشكال التطبيع وفك الحصار ووقف العدوان، وكذا الانسحاب من غزة وتعليق المبادرة العربية، لكننا كنا نتمنى لو تم سحب المبادرة العربية بشكل مطلق بدلا من سحبها، إلا أن هذا لا يمنع من القول أن القرارات التي خرج بها الاجتماع التشاوري بالدوحة استجاب بعض الشيء لمطالب الشعوب العربية من جهة ، وشكلت الحد الأدنى لمطلب مواجهة العدو الصهيوني والتصدي له.
النهار : ما خلفية امتناع كلا من سوريا، إيران وفنزويلا على التصويت على قرار 1860 لمجلس الأمن الدولي مع انه ينصر الفلسطينيين؟
قرار مجلس الأمن الدولي هو قرار ملتبس، لأنه لم يتضمن إدانة للعدوان والمجزرة التي اقترفتها إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني في غزة،كما انه لم يحدد وقفا للعدوان، وبالعكس فقد أتاح الفرصة لإسرائيل لاستمرار عدوانها.
النهار : ما هي قرائنكم لموقف مصر وهل تعتقدون أن لها أطماع في فلسطين؟
ليس لمصر أطماع في فلسطين، نحن نقول أن مصر أكبر دولة عربية، ومطلوب منها أن تفتح المعابر وان لا تسمح بحصار الشعب الفلسطيني، ونحن لن ننسى التضحيات التي قدمها الشعب المصري الذي وقف إلى جانب القضية الفلسطينية، لهذا فنحن نطالب الحكومة المصرية بفتح المعابر وان تساندنا في الكفاح ضد الاحتلال الصهيوني.
النهار : موقف مصر لم يخالف الموقف الأمريكي، وحتى المساعدات التي بعثت بها جاءت متأخرة؟
فيما يتعلق بالمساعدات نحن نرحب بكل المساعدات التي تأتي إلى الشعب الفلسطيني، أما فيما يتعلق بالمبادرات، فنحن لا نقبل بأي مبادرة، لا تؤدي إلى الانسحاب الإسرائيلي والى فك الحصار وفتح المعابر وحقنا في استمرار المقاومة حتى الانتصار وتحقيق الاستقلال.
النهار : كيف استقبلتم نبأ استشهاد رجل المرحلة سعيد الصيام وكيف كانت ردة فعل الشارع الفلسطيني إزاء ذلك، خاصة وانه من قطاع غزة؟
الجبهة الشعبية الفلسطينية تنعي الشهيد القائد سعيد الصيام وشقيقه وابنه، تنعي كل الشهداء شعبنا العظيم الذين استشهدوا على قطاع غزة وقدموا أغلى ما يملكون من اجل حرية شعبهم، الشهيد سعيد الصيام انتقل إلى جنة الخلد، إلى جوار إخوانه الشهداء الشهيد الشيخ ياسين، أبو علي مصطفى، الشهيد ياسر عرفات، الشهيد أحمد الوزير وغيرهم من شهداء المقاومة، أما ردة فعل الشعب فقد كانت بمثابة الصدمة خاصة وأنهم يلقبونه برجل المرحلة بالنظر إلى الدور الذي لعبه في المقاومة.
صرح القادة العسكريين أنهم أوقعوا خسائر فادحة بالمقاومة، وأنها ستجد صعوبة في الاستمرار في الفترة القادمة؟
نحن نقول للكيان الصهيوني أن هذه الجرائم ستزيد الشعب والفلسطيني والمقاومة، قوة وإصرار على مواصلة الكفاح حتى الاستقلال، أما الغرض منها فهو واضح، لأنهم يريدون أن يوجهوننا إلى لعبة المفاوضات واللقاءات لمحاولة امتصاص وإجهاض هذا النصر، كما حصل في حرب أكتوبر.
النهار : ما هي الإستراتيجية التي ستنتهجونها في الفترة القادمة، بعد إعلان إسرائيل وقف القصف أول أمس؟.
نحن الآن أمام معركة معقدة جدا ويجب أن نكثف من العمل من اجل انتصار، على الصعيد السياسي نحن لن نقبل إلا بالمطالب التي قدمناها، والتي كان ثمنها دم الشعب الفلسطيني وهي بشكل خاص مسألة الانسحاب، وليس الانسحاب فقط، لأننا نريد أن نطرح مسالة الانسحاب الإسرائيلي بشكل كلي من الأراضي الفلسطينية، ونحن نشكر الشعوب التي تحركت من اجل غزة وفلسطين ووقفت إلى جانبنا إلى غاية الانتصار، ونطلب من الرأي العام العالمي أن يواصل هذه الحركية التي غاية القضاء هذا النظام الإسرائيلي العنصري.
النهار : وما هو المطلوب من القيادة الفلسطينية في الفترة القادمة، سواء تعلق بالحكومة، أو فصائل المقاومة؟
يجب على السلطة الفلسطينية ألا ترجع لموالها القديم ، ويجب كذلك أن نستخلص الدروس مما جرى وبالتالي يجب أن نسعى للوقوف على أرضية صلبة، ونعيد الاعتبار للقضية الفلسطينية على ساس إزالة هذا الاحتلال والعمل والتخطيط بهدف إزالة الاحتلال والتمسك بالثوابت ونعود لوثيقة الوفاق الوطني من اجل ترجمتها وتطبيقها على ارض الواقع.