إدمان الهواتف لدى الأطفال
إدمان الهواتف لدى الأطفال
ثورة تكنولوجيا العدو فيها هو الإنسان للإنسان نفسه، تعلب فيها الأجهزة الإلكترونية المحرك الرئيسي في رسم خطط التقدم وغزوا العالم. والسيطرة على العقل البشري، خطط تم وضعها بإحكام، وأصبحت الهواتف الذكية المحمولة واللوحات الرقمية .جزء أساسيا من حياتنا اليومية، أقلبت نوعا ما موازين الطبيعة. خاصة لمن لا يعرفون حدود استعمالها، حتى الأطفال لم يسلمون منها،
إدمان الهواتف لدى الأطفال
وأصبحت رؤية طفل يتحكم في جهاز رقمي. بكل مهارة أمرا غير مستغرب، بل إن بعض الأمهات تلجأ إلى إلهاء طفلها الرضيع من خلال هذا الجهاز السحري فقط ليهدأ. وتسكر بالسكينة لبرهة من الزمن، لكن الملاحظ في زاوية أخرى. يرى أن تداعيات هذا الإلهاء أخذ منعرجا خطيرا يهدد مستقبل هذا الطفل وتوازن شخصيته، فنجد الكثير من الأمهات فير ورطة. بعد أن صار الطفل مدمنا لهذه الأجهزة، والخسائر جمة، والضحية طفل شدّ انتباهه ألوان لامعة. ومتنوعة رسومات متحركة، وموسيقى صاخبة بشخصيات لا نعرف من يقف ورائها. وهذا ما جاء على لسان أمهات كثيرا راسلونا في هذا المنبر..
أم زكرياء من العاصمة:
“تخلصت من هاتفي حتى يتعافى ابني”
تحية طيبة وبعد، أنا سيدة متزوجة أم لطفلين، الأكبر يبلغ من العمر 11 سنة، والأصغر 6 سنوات، أعيش ظروفا متواضعة، وحياة بسيطة إلى جانب زوج مسؤول، حياتنا كانت عادية إلى أن بدأت ألاحظ على ابني سلوكات غير مألوفة، صار يتحدث بلغة الانترنت ويتحدث في المواضيع كلها، والسبب إدمانه الهاتف النقال ومواقع التواصل، أي نعم أن الحسابات كلها باسمي أو اسم والده،
لكنه كان مطلع على كل صغيرة وكبيرة تنشرها تلك المواقع، وليت الأمر توقف عند هذا الحد، بل صار يتحدث إلى أخيه بتلك الألفاظ المتداولة. التي لا تمت بأي صلة للبراءة، منعت عليه الهاتف في البداية، لكن كان يتحصل عليه، إلى أن وجدت أن أفضل حل هو أن أحرم نفسي حتى لا يتمادى في إدمانه، لكن بالرغم من هذا لايزال يتابع تلك المواقع مع أصدقائه، وهو ما جعلني دوما متوترة وخائفة من المستقبل. خاصة في وقت الفتن هذا.
إدمان الهواتف لدى الأطفال
أم أيمن من الغرب:
“أسوأ ما في الأمر أن تحصيله الدراسي تراجع بكثير”
من جهتها وبندم كبير أعربت السيدة أم أيمن عن أسفها الشديد لتراجع مستوى ابنها التعليمي، فمن تلميذ مجتهد علاماته كانت جيدة، إلى تلميذ صار يتمنى لو أنه يتحصل فقط على معدل يمكنه من الانتقال فقط، والسبب هو الهاتف الذكي، والألعاب الالكترونية لتضيف قائلة: صدقوني لقد حاولت كثيرا لكن دون جدوى، وإن حقا منعت عليه الهاتف يثور غضبا، ويرفض الحديث إلينا حتى أنه يرفض الأكل،
فأجد نفسي مستسلمة لرغابته، وأسلمه هاتفه، أحيانا يوهمني أنه يدرس، لكن النتائج في آخر الفصل مخيبة خاصة في هذه السنة وبالمقارنة مع سنوات سابقة تراجع ابني بكثير، واليوم أشعر أنني مكبلة ولا يمكنني التصرف.
السيدة سمية من الوسط:
“في البداية أعجبني الأمر.. لكن مع الوقت شعرت حقا بالخطر”
أما السيدة سمية، فتحكي معاناة حقيقية، بدأت منذ أن كانت ابنتها رضيعة صاحبة خمس أشهر، تنام على أغاني الأطفال التي تشغلها لها في الهاتف، إلى أن صارت مع الوقت تشاهدها على اليوتوب، بلغت البنت سنتين ولم تتخلص من تلك العادة، كانت تعتقد الأم أنها حيلة جيدة تُلهي بها ابنتها، لكنها صارت تعاني من اضطراب نفسي. بالإضافة إلى أنها تأخرت في النطق، ونموها ضعيف، ورفقة باقي الأطفال لا تجد راحتها ولا تعرف سوى البكاء، حتى تحملها أمها وتشغل لها الهاتف لتهدأ قليلا.
إدمان الهواتف لدى الأطفال
تقول السيدة سمية: “الحمد لله تفطنت لها وأنا اليوم أسعى جاهدة لتعود إلى توازنها الطبيعي، وأتمنى من كل الأمهات أن يعتبروا من تجربتي، ويستبعدون هذه الهواتف الذكية من حياة أطفالهم تماما، ولابد من ترشيد طريقة استعمالها، فمهما يكون هي سلاح ذو حدين، أحيانا مفيدة وأحيانا أخرى ضارة”
كلمة لابد منها
كانت هذه عينة، من تدخلات عديدة لأمهات وآباء وقع أطفالهم في فخ هذا الإدمان، أما عن طرق العلاج فهي لا تنحصر في تصرفات أو إجراءات نقوم بها مع مدمني الهواتف النقالة فقط، بل يجب أن تمتد الحلول لتشمل الآباء والأمهات، فهو أيضا مذنبون بطريقة أو بأخرى، فلا يجب أن ننسى أن الطفل يولد على الفطرة، ويتخذ من المحيطين به قدوة، ويتصرف بتصرفاتهم، ويتعلم منهم، ويعتاد بعاداتهم،
لهذا أول ما يجب الإشارة إليه. هو ضرورة مراقبة الكبار تصرفاتهم لتكون مسارا معبدا لصغارهم، فلا يجب على الأم او الأب التحدث مع أطفالهم بينما هم يتصفحون الهواتف، ووضع الهاتف جانباً في الجلسات العائلية، بمعنى طبقوا على أنفسكم القوانين التي ترغبون أن يتبعها أبناؤكم.
ثم الرعاية ومعرفة الدوافع، فلكل مشكلة أسباب، وقد يكون الكفل يشعر بالوحدة أو الفراغ ما جعله يشغل وقته بالهاتف، فمكن المهم جدا معرفة أنشطته اليومية، وتقديم الدعم النفسي له، فضلاً عن تشجعيه على ممارسة الرياضة والهوايات أخرى مفيدة.
إدمان الهواتف لدى الأطفال
تشجيع الطفل للتفاعل في الواقع، فالثورة التكنولوجية خلقت فجوة كبيرة في العلاقات الاجتماعية، وللحد من ذلك لابد للشخص المدمن من الضبط الذاتي والسيطرة على التصرفات والتعويض عن ذلك الوهم بالواقع، كقضاء الوقت مع العائلة والأصدقاء، والطفل بوعيه المحدود يجهل أهمية هذه القيم، ويكتفي بالتفاعل على الواقع الافتراضي، وهنا يأتي الأهل في توعيته وإرشاده إلى ضرورة التفاعل مع محيطه بشكل أكثر واقعية.
معالجة المشاكل العائلة بعيد عن مسامع الاطفال، لأن المشاكل القهرية كالعنف والكلام البذيء، تؤدي بالطفل إلى البحث عن متنفس له، والهواتف ما شاء الله متاحة بكثرة، فيجد فيها الاحتواء السلبي، لذلك يجب على العائلة تقديم الدعم المعنوي والاجتماعي للطفل، وإعطاؤه المساحة الكافية للتعبير عن ذاته.
على العائلة أن تخطط لفعاليات ونشاطات خارج المنزل. يستمتع فيها الأطفال والعائلة كاملة، تتجنبون خلالها استخدام الأجهزة الإلكترونية، كالخروج للحدائق والنوادي الرياضية والسباحة ورحلات المغامرات وغيرها.
فسح المجال للطفل للاختلاط بالغير، لأن ذلك يحسن ويعزز مهارة التواصل الاجتماعي، وبالتالي مساعدة الطفل على التخلص من إنطوائه وانشغاله فقط بالهواتف المحمولة.
إدمان الهواتف لدى الأطفال
وضع قوانين تشمل الجميع في العائلة، مثل تحديد مساءً واحداً كل أسبوع يلتزم فيه الجميع بقاعدة “لا أجهزة إلكترونية”، بحيث تقضي العائلة المساء كاملاً معاً دون مقاطعات الهواتف واللوحات الرقمية، أيضا يمكن للأم أن تفرض على أطفالها الاجتماع على طاولة الأكل في وقت واحد، مع منعهم استعمال الهاتف أثناء الأكل، كما يجب إطفاء الأجهزة الذكية ووضعها في غرفة أخرى. عند بدء إنجاز الواجبات المدرسية، ولا يتم تشغيل الأجهزة إلا عند الانتهاء من الدراسة، ويمكنها أيضا تحديد عقوبات لمن يخرق القوانين العائلية.
أيضا على العائلة تحديد عدد الساعات والفترة الزمنية. التي يمكن للطفل خلالها استخدام الأجهزة الذكية أو اللعب بالألعاب الإلكترونية، ليتعود الطفل على روتين يحميه من إدمان الأجهزة الالكترونية.
لا يمكن الهروب أحيانا من حتمية استعمال الأطفال للهواتف الذكية، وفي هذا الحالة لابد أن يكون ذلك تحت إشراف الكبار. دون تحسيس الطفل أننا نراقبه عن كثب، حتى يتصرف بعفوية تامة.
طالع أيضا :
📌📌 يتيح لكم تطبيق النهار الإطلاع على آخبار العاجلة وأهم الأحداث الوطنية.. العربية والعالمية فور حدوثها
حمل تطبيق النهار عبر رابط “البلاي ستور”
https://play.google.com/store/apps/details?id=com.ennahar.