أكره الناس بنفس مقدار ما أحبّهم أقاطعهم وأتمنّى مصالحتهم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته أما بعد:
سيدتي نور، مشكلتي تكمن في شعوري الدائم بأن الناس يكرهونني ولا يريدون رؤيتي، مما يجعلني أكرههم جميعا دون استثناء، وأقرّر عدم الاحتكاك بهم، فأعيش في جو نفسي حزين وكئيب جدا، وبعد مدة حتى لو كانت قصيرة إذا جاءني أحدهم يحادثني، سرعان ما يتغيّر موقفي فأشعر بالرغبة في التواصل معه بل وأشعر بالحب الجارف نحوه.
هذا الشعور يراودني دائما، ولا أبالغ إذا قلت بأن حياتي كلها تداول بين هذا الموقف وذاك، مما جعلني أكره نفسي التي لا تستقرّ على شيء، وما أصعب كره النفس.
أحيطك علما سيدتي، أني فقدت والدتي منذ سنتين، وأنا أكبر إخوتي ولا أقصّر في مسؤوليتي معهم، وأقوم بواجباتي الدينية على أكمل وجه، لقد كانت والدتي -رحمها الله- مصدر حنان للجميع، وأنا الآن بالنيابة عنها الصدر الحنون لإخوتي، أشعر كأنهم أبنائي، مع أني في الثالثة والعشرين من العمر.
سيدتي الفاضلة، أرجو منك تفسير هذه الحالة التي أعيش بين جنباتها، وهل لها أبعاد مستقبلية على شخصيتي؟
المعذبة/ غيليزان
الـرد:
عزيزتي، أنت فتاة حسّاسة أكثر من اللازم، فشعورك بأن الناس يكرهونك دائما مجرد أوهام فليس كل ما يشعر به الإنسان حقيقة، وهذا ما ينعكس عليك بالحزن والكآبة، إنها التفاعلات النفسية التي تشكّل ما حولك من أحداث.
عزيزتي، الإنسان لا يكره نفسه لكنه قد ينزعج من أفكاره ومشاعره السلبية وما يعقبها من أفعال، لذا فأنت منزعجة فقط من هذه الأمور لا أكثر.
إنني ألتمس صدق مشاعرك تجاه فقدان والدتك رحمها الله، فإنني في ذات الوقت أثمّن لك تحمّلك مسؤولية إخوتك، كان الله في عونك وجازاك خير جزاء.
عزيزتي، أحبّ أن أناديك بالسعيدة، بدلا من المعذبة، نعم أنت سعيدة، وهكذا ستكونين بمشيئة الله، فمن يقوم على أداء واجباته ورعاية نفسه وإخوته الأيتام، لا بد أن يكون سعيدا، كيف لا وأنت بهذا القدر من العطاء والحنان، فقط عليك بالتروي وإحكام العقل في شؤون حياتك الحالية والمستقبلية، فحاولي أن تفكّري وتتأمّلي في الأمور والمواقف، فسّريها وافهميها قبل أن تتفاعلي معها أو يصدر منك أي تصرّف تجاهها.
أسأل الله أن يزيح عنك هذا الضيق ويفسح أمامك مجال الراحة والسعادة إن شاء الله.
ردت نـور