أردتها حلالي فطعنت بالغدر في حبّي وإخلاصي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سيّدتي الفاضلة.. أولا أشكرا جزيل الشكر على هذا الفضاء الذي في الوقت يعتبره الكثيرون متنفسا لهمومهم ومآسيهم؛ أرى أنا في هذه منارة للتعلّم من أخطاء الغير وحصانة من الوقوع فيه، تماما مثل حكايتي التي أتمنى أن يعتبر منها كل لبيب. سيّدتي أنا شاب أبلغ من العمر26 سنة؛ أعتلي منصب أستاذ في التعليم الثانوي، وهذا منذ 3 سنوات، شجني وحزني بدأ منذ أن تعرّفت على فتاة تعمل معي، في البداية أعجبت بأخلاقها وجمالها وعفّتها وطريقة تعاملها مع الآخرين، حاولت التقرّب منها فحصل بيننا انجذاب وتحرّك للمشاعر، وبعدما تعرّفت عليها وجدتها تحمل في طيّات وجدانها ألما وخيبة؛ فالفتاة كانت متزوّجة من قبل ومطلّقة وتكبرني بعامين، أمر لم أكترث له؛ وبما أني أحببتها وأحببت دينها وأخلاقها فقد قرّرت أن أسلّم أمري للقدر؛ وردّدت في قرارة نفسي بأن ملاكا كتلك؛ من المستحيل أن تكون قد أخطأت؛ وأن الملام الوحيد للحالة التي هي عليها هو بالتأكيد زوجها الذي لم يعرف كيف يصنها أو يحافظ عليها.استمرت علاقتنا حوالي الشهرين؛ ثم فاتحت أهلي بقصتي وأني أريد الزواج من هذه الفتاة؛ فوقع عليهم الخبر كالطامة وكأني أرتكب جريمة ولست أسعى لإكمال نصف الدين.بقيت مصرّا على الفتاة، ورغبتي في الارتباط بها؛ وكنت أوضّح الأمور على أن زواجها السابق تجربة مريرة قد يتعرّض إليها أي كان في الحياة وأن الطلاق ليس وصمة عار تقضي على مستقبل من وقع فيه، وكونها أصغر مني؛ هذا أيضا ليس عيبا؛ كوني أنا من سأتزوج وأنا من سأكمل حياتي معها، فالحياة الزوجية هي مودة ورحمة وسكينة بين الزوجين، المهم تمسّكت بقراري وحقا أقنعت أهلي، وهي كانت على علم بكل تلك المعاناة التي قضيتها مع أهلي، وما إن اقتنعوا سارعت أنا بالخطوة الأولى فخير البرّ عاجله دون أن أدري ما كانت تخبؤه لي الأيام؛ فلن تتصوّري أنه وبعد كل ما جرى مع أهلي؛ أتقدّم لخطبتها لأجدها ترفض الزواج، والأمر من ذلك ما قاله والدها، وهو أن الفتاة مخطوبة وتأسف..؟، هل يعقل أن تكون قد استغفلتني كل تلك الفترة..؟، وهل لك أن تتصوّري كبير الإحراج الذي سبّبته لي مع أهلي…؟، إنها حقا استفهامات تكاد تقهرني، فلم أجد لها أي تفسير يمكنه أن يخرجني من نفق الحيرة والخيبة في نفس الوقت..
أرجوك سيدتي.. هلاّ أنرت دربي بردّ يجعلني أستفيق من غيبوبة سببها فتاة أردتها في الحلال..؟
حائر
الرّد:
السلام عليك بني، في الأول دعني أشكرك على صراحتك وعلى نيتك الحسنة؛ وعلى صدق مشاعرك والحب الكبير الذي منحته لفتاة كانت بالكاد تقف على رجليها، لكنها وللأسف لم تحس صيانة كل ذلك؛ ولم تعرف كيف تقدّر تقديرك وكفاحك من أجلها.بني.. صدقني إن قلت لك أني قرأت رسالتك أكثر من مرة باحثة في نفس الوقت دون جدوى عن عبارة أو كلمة أستدلّ بها لأجد مبررا أو تفسيرا للقرار الذي اتخذته الفتاة في آخر لحظة بعد كل ذاك العناء والمدّ والجز مع أهلك محاولا إقناعهم بوجهة نظرك والأسس التي على أساسها اخترتها كرفيقة لدربك، على كل حال؛ أنت أبدا لست الملام ولا تشعر بالحرج أمام أهلك بل على العكس تماما؛ عليهم الافتخار بك وبأخلاقك لأنك لم ترد التلاعب بمشاعر فتاة كسرتها الأيام، فلا تقهر نفسك بالتفكير دون جدوى ويكفيك أنك كنت صادقا مع الله ومع نفسك، أما هي فاحتسب أمرها لله تعالى؛ لأنه الأعلم بالحقيقة، وما جرى بينها وبين أهلها، فليس من المعقول أن تمضي معك كل ذاك الوقت وتعيش معك كل فصول معاناتك مع أهلك وما فعلت فقط من أجل إقناعهم بها، لتقابل بالرفض عندما تقدّم لوالدها خاطبا.بني.. عسى أن تحبوا شيئا وهو شرّ لكم، لهذا أنصحك أن لا تبحث في الأسباب التي جعلت أهلها يرفضون ولا تحاول حتى الاستفسار منها، لأنك مهما حاولت فلن تصل إلى الحقيقة التي ستثلج صدرك، ضع ثقتك في الله وتأكد أن هذا قضاء وقدر وأنه لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، توكل على الله بني؛ وتعامل مع الموقف على أنه مجرد تجربة في حياتك يجب أن تزيدك قوة وإصرارا؛ لا أن تنقص من همتك وتدخلك قوقعة الخجل والانعزال، فالرجال يقاسون بدينهم وأخلاقهم وجدّيتهم، وليس بخيبات الأمل التي قد تصيبهم، وتأكد أن الأمر التي وجدته في تلك الفتاة والذي جعلك تحبها وتتمناها شريكة لحياتك ستجده لا محال في أخرى.حاول أن ترضى بقضاء الله وقدره؛ وأن تلتفت لمستقبلك وتخطط لبناء حياتك، فأنت يا بني في أول الطريق والسعادة ستكون من نصيبك إن شاء الله؛ إلى جانب من تقدّرك وتحبك ومن يرى فيها الله خير لك في دينك ودنياك.
ردّت نور