نظام “أل.أم.دي” فرصة الطلبة للحصول على مناصب عمل وتأشيرة للالتحاق بكبرى الجامعات
تبنّته الجزائر في 2004 لإصلاح المنظومة الجامعية…تربصات ميدانية للطلبة لرفع المستوى مقابل تقليص في ساعات العمل
يعد نظام “أل.أم.دي” نظاما تعليما جديدا، تبنّته الجزائر في 2004 في إطار إصلاح المنظومة الجامعية، جاء بالدرجة الأولى لضمان “تكوين نوعي” للإطارات يمكّنها من الالتحاق بـ “عالم الشغل” ومسايرة المتطلبات الاقتصادية عن طريق خلق توافق بين “التكوين” و”سوق العمل”.
تقليص ساعات الدراسة من 8 ساعات إلى 5 ساعات
وقد وضعت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي “خريطة وطنية” للتكوين في نظام التعليم الجديد، من أجل رفع كافة الحواجز والتخوفات، خاصة لدى الطلبة الجدد الذين يتوجهون عادة للتسجيل بالنظام الكلاسيكي عن طريق التقليص في ساعات الدراسة من 8 ساعات في اليوم لمدة خمسة أيام في الأسبوع في النظام الكلاسيكي، إلى 5 ساعات في النظام الجديد يوميا، ومن ثمة فإن الوقت الذي يقضيه الطالب بالمكتبات الكلاسيكية والإلكترونية في البحث عن المعلومات والدروس التي هو بحاجة إليها في عملية البحث العلمي، أكثر من الوقت الذي يقضيه مع أساتذته بالمدرجات وبالأقسام، فهو مطالب بالعمل لوحده، غير أنه يبقى في تواصل واتصال دائم مع أستاذه، عكس ما هو معمول به بالنظام الكلاسيكي، باعتبار أن 70 بالمائة من الوقت يقضيه الأستاذ رفقة طلبته في تقديم الدروس النظرية والتطبيقية، توجيه الطلبة وكذا الإشراف على البحوث والمذكرات.
وقد عملت الوصاية أيضا على اتخاذ إجراءات صارمة، من شأنها العمل على فتح المكتبات الكلاسيكية لأكثر من 12 ساعة في اليوم، عوض 4 ساعات فقط؛ وذلك بهدف تمكين الطلبة من العمل بحرية ودفعهم نحو الإبداع في مختلف التخصصات من دون الاتكال فقط على أساتذتهم، خاصة في ظل توفر البرامج المعلوماتية المتطورة التي تضمن لهم التقدم في دراستهم تكوينهم.
شهادة ليسانس في “أل.أم.دي” تأشيرة الالتحاق بالجامعات الأجنبية الكبرى
والجدير بالذكر في هذا السياق، أن ما يقارب 10 آلاف طالب تحصل على شهادة ليسانس في النظام الجديد عبر 40 مؤسسة، من بينهم 30 طالبا في تخصص “تسيير واقتصاد”، وأزيد من 100 طالب متفوق تحصلوا على معدلات جيدة، بحيث تم تزويدهم بمعارف ودروس نظرية وتطبيقية بهدف تهيئتهم للمنافسة الاقتصادية في ظل العولمة، فيما تم السماح لهم بالالتحاق بـ “الماستر” لمن رغب في مواصلة الدراسة. ومقابل ذلك، فإن شهادة الليسانس ستسمح للطلبة بمزاولة دراستهم في الخارج لنيل شهادتي “الماستر” و”الدكتوراه”.
تربصات ميدانية للطلبة ودورات تكوينية للأساتذة
ولكون الدورات التكوينية والتربصات الميدانية إحدى مرتكزات نظام “أل.أم.دي”، فقد عمدت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لتمكين الطلبة من إجراء “تربصات ميدانية”، وذلك من خلال تفعيل الاتفاقيات المبرمة في هذا المجال على المستويين الوطني والدولي، بهدف تمكين الطالب من الإطلاع الواسع على مختلف المعارف، سواء النظرية أو التطبيقية. مقابل ذلك، فقد تم فتح المجال لتكوين المكونين من خلال برنامج استثنائي خماسي سينتهي في 2009، أين استفاد أزيد من 6 آلاف أستاذ جامعي من دورات تكوينية في مختلف الدول الأجنبية، على رأسها فرنسا ومصر، إضافة إلى بلجيكا، إسبانيا، بريطانيا، الولايات المتحدة الأمريكية، كندا، الإمارات، سوريا والأردن، لفترة تكوين تمتد من 6 أشهر إلى 18 شهر، خاصة من بينهم 2000 أستاذ عادوا إلى أرض الوطن وناقشوا أطروحاتهم.
نحو تعميم نظام “أل.أم.دي” بنسبة 50 بالمائة في الدخول المقبل
هذا، وتوقعت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، بلوغ نسبة 50 بالمائة في نظام التعليم الجديد في الدخول الجامعي المقبل، وذلك بإنشاء تخصصات جديدة، بتقليص التخصصات في النظام الكلاسيكي الذي سيزول مع حلول سنة 2015. وبالمقابل، فقد بلغت نسبة الطلبة الذين يتابعون تكوينا ضمن نظام “أل.أم.دي” 15 بالمائة من العدد الإجمالي، بالرغم من أن “النظام الكلاسيكي” لا يزال يحظى بأعلى نسبة من اختيارات الطلبة، حيث بلغ 78 بالمائة مقابل 29 بالمائة في النظام الجديد، مع العلم أن الدخول الجامعي الحالي قد عرف الشروع في أول سنة من طور “الماستر” بكل من جامعات الجزائر، بجاية، بومرداس والبليدة، في حين ستتخرج أول دفعة منهم والمقدرة بـ 3 آلاف طالب مع حلول 2010.
جامعة الجزائر تسعى لإحداث تخصصات جديدة رفقة المؤسسات الاقتصادية
وعلى صعيد آخر، فقد طلبت جامعة الجزائر من المؤسسات الاقتصادية الدخول كأعضاء في مجالس الإدارة، سواء على مستوى الكليات أو الجامعة، للمساهمة في وضع السياسة العامة للجامعة، خاصة فيما يتعلّق بإحداث تخصصات جديدة تفيد الطلبة والمؤسسات، لأن الجامعة ستساهم في التنمية المحلية من خلال إشراك السلطات والجماعات المحلية والشركات وكل الفاعلين الاقتصاديين.
الدولة تخصص 32 مليار سنتيم لدعم نظام “أل أم دي”:42 مقعدا في الماستر للسنة المقبلة لم تحدد شروط الالتحاق بها ولا التخصصات المفتوحة فيها والإدارة لا تزال تخلط بين قوانين النظام الكلاسيكي والجديد و تطبق النظام الكلاسيكي على طلبة أل.أم. دي.
أكد رئيس مكتب الاتحاد العام للطلبة الجزائريين في جامعة هواري بومدين للعلوم والتكنولوجيا، أنه رغم مرور ثلاث سنوات على تطبيق نظام “أل أم دي” في الجامعات الجزائرية، وتخرج أول دفعة منه هذه السنة، إلا أن الإدارة لا تزال تخلط بين قوانين النظام الكلاسيكي والجديد، وفي الكثير من الأحيان تطبق النظام الكلاسيكي على طلبة “أل أم دي”، مشيرا إلى أن المستوى الذي يتمتع به طلبة النظام القديم أحسن من مستوى طلبة النظام الجديد.
وأكد المتحدث أن عملية احتساب المعدل السنوي للانتقال والرسوب وكذا عدم ترك الحرية للطلبة في اختيار الوحدات التي يودون دراستها أو الاختبار فيها، حسب النظام أل أم دي” المعمول به في العالم حيث أن الطالب يمتحن في المادة التي يختارها، لتقوم الإدارة في الأخير بالتأشير على المعدلات التي حصل عليها الطالب، إلا أن هذه الأخيرة لا تطبق تعليمات النظام وتفرض على الطالب اتباع التخصص الذي يدرس فيه فقط، وبالمقابل تحرمه من فرص أتيحت له.
وأبرز المتحدث في السياق ذاته، أن نظام “أل أم دي” هو نفسه النظام الكلاسيكي، مع فارق تقليص الحجم الساعي وتكثيف الدروس بالإضافة إلى غياب الشريك الاقتصادي وعجز الإدارة عن تطبيق النظام الجديد، مشيرا إلى أن الوصاية فتحت 42 مقعدا في الماستر للسنة المقبلة غير أنها لم تحدد شروط الالتحاق ولا التخصصات المفتوحة.
وأكد المتحدث أن نظام “أل أم دي” يشوبه الغموض، خاصة فيما يتعلق بعدم وجود برامج دراسية موحدة تمنح للأساتذة، وهو ما يطرح حسبه عدة مشاكل على الطلبة وتسجيل تأخر في إكمال البرنامج، وفي الوقت الذي تشير الإدارة إلى تسليم الأساتذة برامج الدروس النموذجية والأعمال الموجهة النموذجية، ينفي هؤلاء تسلمهم لها، معلنا أن الدولة خصصت ما قيمته 32 مليار سنتيم لتدعيم نظام “أل أم دي” في جامعة العلوم والتكنولوجيا.
وأضاف إن هذا النظام يسمح للطالب بأن يعيد السنة ثلاث مرات، كما أنه من الممكن أن يغادر مقاعد الدراسة لمدة 10 سنوات حسب النظام ذاته غير أن الإدارة لا تعمل بذلك، وتطرد الطالب المعيد للمرة الثانية، الأمر الذي اعتبره المعني غير معقول ومخالف لقواعد النظام، مشيرا إلى أن المشكل المطروح حاليا هو مشكل المحاباة في التوجيه، خاصة في تخصصات الإعلام الآلي والإلكترونيك والهندسة المدنية، ناهيك عن عدم وجود الإمكانيات المادية المتمثلة في قاعات الأنترنت والإعلام الآلي، مشيرا إلى أن 60 بالمائة من الطلبة في جامعة هواري بومدين للعلوم والتكنولوجيا مسجلون في هذا النظام الذي يطبق على 12 تخصص ليسانس في المجالات التقنية، في الوقت الذي سيفتح حسبه تخصص جديد في الجيوفيزياء وعلوم الجيولوجيا والعمران.
آراء الطلبة في نظام “أل أم دي”
غياب الاتصال وضغط المواد الدراسية يجعل من نظام “أل أم دي” شبحا
تباينت آراء الطلبة والناجحين الجدد في البكالوريا، حول نظام “أل أم دي” ومزاياه، غير أن النقطة المشتركة تكمن في عدم وجود إمكانيات للتعريف بالنظام الجديد ومميزاته، باعتبار أن الوزارة لحد الآن ومنذ أن أعلنت النظام الجديد لم تخصص ورشات أو أيام دراسية للتعريف به، في الوقت الذي يعزف الكثيرون عن الالتحاق به لكثرة المواد وضغطها، طيلة الموسم الدراسي.
نظام “أل أم دي” لا يتيح للطالب فرصة المطالعة واستغلال الثروة المكتبية نظرا لعدد المواد التي يدرسها
“نظام “أل أم دي” لا يتيح للطالب فرصة المطالعة واستغلال الثروة المكتبية نظرا لعدد المواد التي يدرسها”، يقول الطالب (ب.ف)، تخصص فرنسية نظام قديم، سبق له الانخراط في صفوف المتمدرسين في صفوف النظام القديم لنفس الشعبة. ويواجه الطالب الجامعي في النظام “أل أم دي” عدة صعوبات للتأقلم مع كثافة البرنامج، ويدرس كل من توجه إلى شعبة الفرنسية مثلا ثماني مواد في النظام القديم، في حين يجد نفسه مطالبا بتحضير 12 مادة في النظام الجديد، ما يجعل الطالب يسعى وراء النقطة لضمان انتقاله إلى السنة الدراسية المقبلة دون رسوب، متناسيا كل ما يحيط به من إمكانيات قد توفرها الجامعة لتطوير قدراته وثقافته في مجالات أخرى، على عكس النظام القديم، الكلاسيكي، الذي يتيح للطالب فرصة التكوين في مجالات أخرى، أو دخول المكتبة للمراجعة التي كثيرا ما توفرها الجامعة على المستوى الوطني.
وأشار الطالب (ب.ف) في حديثه لـ”النهار” إلى أن الذي يدرس فرع فرنسية نظام جديد، لابد أن يكون مستعدا ومتفرغا لذلك كل أيام الأسبوع، لأن الأمر لن يتغير كثيرا عن الدراسة في الثانوية والمتوسطة.
فرص العمل تتوفر أكثر في النظام القديم
من جهة أخرى أشار الطالب (ط.ب) حاصل على شهادة “أل أم دي” شعبة إنجليزية في أول دفعة تخرجت بهذا النظام من جامعة قسنطينة، في الاستطلاع الذي قامت به “النهار” إلى أن فرص العمل تتوفر أكثر في النظام القديم على الأقل، خاصة بعدما رفضت مديرية التربية لولاية ميلة قبول شهاداتهم بحجة أن تكوينهم ناقص والشهادة المقبولة في التوظيف هي شهادة الليسانس دون سواها، مما ولد حيرة لدى الطلبة الذين توجهوا نحو المديرية لتسجيل تخرجهم وتكوين ملفاتهم لضمان تكافؤ الفرص في مناصب العمل مع خريجي النظام القديم.
نبيلة طالبة جامعية فضلت النظام القديم في “بكالوريتين” وفقت في الحصول عليهما
(نبيلة.ب)، طالبة جامعية سنة أولى، شعبة تجارة دولية نظام قديم، متحصلة على شهادة البكالوريا لسنة 2008، قالت لـ”النهار” إنها لم تكن لديها فكرة واضحة حول النظام الجديد “أل أم دي”، وذلك نظرا لغياب مراكز إعلامية خاصة بالجامعات لأجل توعية الطلبة الجدد ومساعدتهم على تكوين قناعتهم، بشأن الانخراط في صفوف النظام الجديد.
وعن سبب اختيارها للنظام الكلاسيكي قالت الطالبة (نبيلة.ب) إنها استعانت بخبرة صديقاتها وأهل الاختصاص.
وأمام غياب مرشدين على دراية بمميزات هذا النظام لتوجيه المتحصلين الجدد على شهادة البكالوريا، قالت (نبيلة.ب) إن نظام “أل أم دي” لا يزال في مرحلة التجربة وعليه فالطالب يجد صعوبة في تكوين قناعة شخصية بشأنه، خاصة أمام الاحتجاجات التي ينظمها الطلبة تنديدا بهذا النظام، الذي لم تتضح معالمه بعد، وعليه قالت المتحدثة إنها لن تختار الانخراط في النظام الجديد بخصوص بكالوريا 2008 التي وفقت في الحصول عليها.
“لا توجد توجيهات تساعد الطلبة الجدد على تكوين فكرة حول هذا النظام”
وقال الطالب (ب.س) من جهته، إن النظام القديم لازال ينشر في دليل حامل البكالوريا غير أنه غائب تماما في الميدان، إذ يجد الطالب نفسه مسجلا في نظام “أل أم دي” رغم أنه اختار في التسجيلات الأولية النظام الكلاسيكي وتمت المصادقة على ذلك أثناء التسجيل، مشيرا إلى أنه لا توجد توجيهات تساعد الطلبة الجدد على تكوين فكرة حول هذا النظام، وما عليهم سوى تقديم ملفاتهم لانتظار الدخول الجامعي كي يتسنى لهم التعرف على قواعد هذا النظام، بنزولهم إلى الميدان والتعرف عليه عن قرب، ليكون الوقت قد انقضى إذا أراد الطالب تغيير اختياره.