معونة للعاقل وتذكير للغافل
“وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى”
إن خير ما يتزود به العباد في هذه الدار الدنيا ليوم معادهم هو تقوى الله عز وجل، كما قال تعالى: “وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى”، فإذا أنت لم ترحل بزاد من التقوى، ولاقيت يوم الحشر من قد تزودا ندمت على أن لا تكون كمثله، فالتقوى هي خير ما يتزين به العبد وخير لباس، فكما أن المرء مأمور بستر عورة ظاهره وتزيينه، فهو كذلك مأمور بلباس آخر، ألا وهو لباس التقوى، الذي هو خير من اللباس الظاهر: “يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ”
فإذا حاصرتك نفسك بنعمةٍ لا تستطيع أن تستمتع بها، فاعلم أنّك تُـختَبر، اتركها لله وكن مستغنيًا، وازهد فيها تكن بطلاً عند ربك، لعله يرضى..
وقل كما قال موسى من قبلك عندما ذهب مسرعًا يحمله الشوق إلى الله على بساط الريح فصار يجري، فلمّا سأله الله: “ما أعجلك عن قومك يا موسى” أي سبقت قومك وأسرعت وحدك؟ أجاب وقد قتله الشوق إلى الله: “وعجلت إليك ربي لترضى”
فإذا نزلت في ساحة النعم، اختبر أنت النعم أولاً، وكن راشدًا لا تأخذ إلا ما تستطيع أن تدفع ثمنه، فإن كنت فقيرًا فأمسك عليك قلبك واتق الله، فالفقر ليس أن تكون قليل المال، بل أن تكون إمكانياتك أقل من أن تحافظ على النعمة، فالأهم من النعمة هو معرفة كيفية الحفاظ عليهالأن ذلك نصف الشكر، فارفعوا رؤوسكم، تعففوا، ابتسموا، وقولوا الحمد لله الذي منع، الحمد لله الذي أعطى، وأمسكوا على قلوبكم موطن إيمانكم، واتقوا الله هو نعم المولى ونعم النصير.