خجلي الزائد سيحرمني من الحياة
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، سيدتي أنا فتاة في الـ20 من عمري، طالبة جامعية، نشأت في أسرة كبيرة ولا حق لي الحديث في أغلب الأوقات، دوما ينتقصون من قيمتي، ومن كفاءتي، وهذا ما جعل صفة الخجل تلازمني حتى وأنا اليوم طالبة جامعية..
دوما محرجة، ودوما متحفظة في كلامي، ففي كل الحوارات والنقاشات سرعان ما أصمت بسبب شعوري بالخجل، ويظهر ذلك على وجهي. ليس لأني لا أملك ما أقول، بل مجرد أن أرى اهتمام الغير لما أقول أرتبك، وأترك لهم الكلمة خوفا من أن أقع في الخطأ وأُحرج أماهم.
سيدتي، هذه الصفة تقلقني، لأنني بالمقابل أشعر أنني أضيع الكثير من الفرص لأثبت ذاتي وجدارتي.. حتى أنني فقدت مكانتي وسط معارفي، فبما تنصحيني سيدتي لأتغير وأتخلص من خجلي الزائد؟
“ب” من الوسط
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته بنيتي، أولا أود أن أشكرك على جرأتك واعترافك بهذه الصفة السلبية التي تلازمك.. كما أعجبني كثيرا عودتك إلى الماضي وطريقة النشأة التي ساهمت بنسبة كبيرة في جعل هذه الصفة تستفحل فيك.. لان الثقة تُكتسب أولا وقبل كي شيء من العائلة التي يحب أن تكون معول بناء وليس هدم لشخصية الأنباء منذ الصغر، لذا أتمنى ان نفيدك بحول الله.
طرحك عزيزتي مهم للغاية، فالتواصل وإدارة أي حوار هي مشكل الكثير من الناس.. فهناك من يخجل من إبداء الرأي ويفضل أن يكتمه في صدره.. وهناك من له جرأة كبيرة أكثر من المعقول لدرجة أن يستحوذ على الكلمة في أي حوار حتى يصبح مملا ينفر منه الغير.
عزيزتي، إن التواصل الفعال هو حقا فن يحتاج كل منا تعلم آدابه، لأنه العامل الأول الذي يحدد مصير علاقاتنا الاجتماعية.. فالحوار الجيّد مع الآخرين طريقا لكسب ودّهم واحترامهم.. وهو أمر حاسم يُغير نظرتهم إلينا، ويجعلها لطيفة إن كنا نحن لطفاء..
ولا يقتصر ذلك على الحديث المهذب فقط، بل على الأسلوب أيضا، وقدرة المرء على إدارة الحوار بشكل فعّال وهادف..وذلك من خلال الاستماع لوجهات نظر الآخرين وتقبّلها واحترامها وإن تعارضت مع آرائنا.
واعلمي حبيبتي أن الكمال لله تعالى، وأنك قادرة على التواصل والتحاور مع كل الأطراف.. فأنت وأنا وكلنا لدينا نقص ما في شخصيتنا، لهذا فإن أول ما يجب أن تفعليه هو تحبي ذاتك كما أنت. وتعملين على نهل المعرفة وتثقيف ذاتك. حتى تخوضين أي حوار بمعلومات أكيدة وثقة كبيرة، ولا عيب إن قلت “أنا لا أعرف”..
فهذا أول دافع سيجعلك تبحثين وتتعلمين، ثم لابد أن تفكري فيما ستبوحين به. وانتقاء ألفاظ مهذبة تعكس أخلاقك وثقافتك وشخصيتك، لكن لا داعي للخجل الذي يجعلك تتنازلين عن حقك في بناء علاقات جيدة.
وهنا نتحدث عن الخجل من جانبه السلبي، لا عن الحياء الذي يجب أن يكون ردائك في الحياة، وتيقني أن الكمال لله وحده.. ولكل منا نقائص لكن لا يجب إخفائها بالتراجع.. بل علينا تحسينها وتطوير ذاتنا لنثبت مكانتنا بجدارة واستحقاق.
لذا بدلا الآن من الوقوف وعد السلبيات، عليك كسب مختلف المهارات لتتميزين بين الناس بشخصية محترمة.. لها حضور قوى وفعال بدينك وأخلاقك ثم بعلمك وعملك، وبالتوفيق عزيزتي.