توقيت التفجيرين مثار جدل آخر
استهدف الإرهاب أمس وبقوة ضرب عودة الاستقرار الى البلاد وإعادته الى حالة اللاأمن، في وقت توجه الرأي العام نحو استحقاق الرئاسيات المقبل، وأعقب جدلا عنيفا رافق زيارة الرئيس الفرنسي،
مسثمرا في سلامة وأمن الناس وعودتهم التدريجي والتلقائي إلى الظروف العادية بعد أكثر من شهرين من الهدوء المعلق الى حين إعلان بيان تبني ونعي آخر عن طريق شبكات الإنترنت كالعادة.
تفجيرات أول أمس التي ترصدت مركبا إداريا يرمز لسيادة الدولة وآخر أمميا يربطها بالمجموعة الدولية نظرا لطبيعته وموقعه بأعالي حيدرة التي يستقر بها عدد معتبر من الممثليات الدبلوماسية والقنصلية، الى جانب وزارات واقامات مسؤولين كبار في الدولة، استعملت مجددا السيارات المفخخة وأسلوب الانتحاريين الذي يصعب التحكم فيه أو الوقاية منه، نظرا لدخول العامل البشري فيه، رغم أن بعضها يتم بالأغراء والاحتيال على الانتحاريين، من خلال ضخ أموال ضخمة في الجيوب، وتفجير سياراتهم عن بعد ورغما عنه، وهو ما أكدته تحريات الأمن في تفجيرات سابقة.
وتأتي التفجيرات لتقطع حبل الاستقرار الذي أشاد به متابعون أجانب مؤخرا، من بينهم وكالة الأنباء الفرنسية التي قدمت معاينة ايجابية للوضع، وتطعن في أمان الناس وقد ارتبطت أذهانهم بطقوس والتزامات عيد الأضحى المبارك، لتعيد الى الواجهة تفجيرات قصر الحكومة ومركز أمن باب الزوار، في 11 أفريل الماضي، الذي أودى بحياة 30 شخصا وجرح 200 آخر، وتفجيرات 06 سبتمبر التي استهدفت رئيس الجمهورية بباتنة أسقطت 22 ضحية وأصابت أكثر من 100 بجروح متفاوتة، وقبلها تفجير استهدف ثكنة لحراس السواحل وأودى بحياة 32 شخص.
ولعل أهم مقاربة أو قراءة سياسية للجريمة وتوقيتها يمكن إبرازها الى الجانب الأمني، تذهب الى إسقاطها في سياق حراك المجتمع السياسي الجديد المتعلق بموعد الرئاسيات وتعديل الدستور لتمكين الرئيس من الترشح لعهدة ثالثة، وهما مسألتان مازلتا في حاجة الى إجماع وطني، وخاصة قضية تعديل المادة المحددة للعهدات الرئاسيات، رغم تعبير بعض المواقع السياسية والمدنية عن مواقفها الواضحة المساندة وشرعت في تجنيد باقي المواقع غير المبالية أو المترددة، في سياق حرب تموقع سياسي بدأت ملامحه تتضح من نتائج المحليات الماضية.
كما يطرح تزامن توقيت التفجيرات مع الجدل السياسي والتاريخي والعرقي الذي واكب زيارة الرئيس الفرنسي الى الجزائر وحرمان بعض الشخصيات من حضورها، نفسها بقوة، مفادها استغلال الظروف الأمنية غير المستقرة في الجزائر لممارسة المزيد من الضغط على السلطات الجزائرية المتمسكة والمتمرسة وراء مواقفها المعهودة من قضية الحركى ويهود الجزائر، فضلا عن القضية الفلسطينية ومسألة التطبيع مع إسرائيل، والتي كان آخرها رفض الجزائر لمشروح الإتحاد المتوسطي .