الحدود الجزائرية الشرقية من هنا تبدأ خرافة داعش
^ قوات خاصة لمواجهة الإرهاب والتعامل مع الحالات الطارئة ^ الحدود الشرقية تحت مراقبة الكامرات على مدار 24 ساعة ^ تنشيط العمل الاستعلاماتي متبوعا بالكمائن للقضاء على الإرهابيين
منطقتا بوعفير وأم علي، الواقعتان على نقطة التماس من الحدود البرية الجزائرية التونسية.. تعتبران من أكثر المناطق خطورة في الجزائر والتي تحظى بتعزيزات أمنية مشددة، التي تضعها كل من قوات الجيش الوطني الشعبي والدرك الوطني تحت المجهر والمراقبة الدائمة.. فهما النقطتان اللتان تتخدهما العناصر الإرهابية كمعبر وممر بين الجزائر وتونس، مستغلة صعوبة تضاريس المنطقة ومسالكها الجبلية، لتجعل منها وكرا لتحركاتها ونشاطها سواء للتهريب أو تسلل العناصر المسلحة، مما جعل مصالح الدرك بكافة وحداتها وخاصة حرس الحدود في اعتماد تعزيزات أمنية جديدة وفق التغييرات والظروف الأمنية التي تشهدها هاذين المنطقتين، بهدف القضاء على التنظيمات والجماعات الإرهابية التي بدأت تنشط في المنطقة الشرقية للبلاد، كتنظيمي «داعش» و«القاعدة» اللذين اتّخذتا من منطقة جبال «الشعانبي» المتاخمة للحدود الجزائرية وكرا لهما.. وفي محاولة منا لنقل الحقيقة أو جزء منها تنقلت “النهار” إلى الحدود الجزائرية الشرقية ناحية ولاية تبسة، والتي تعتبر منطقة جد حساسة نظرا للإنتشار الواسع لمصالح الأمن وعلى رأسها حرس الحدود، وهذا نظرا للنشاط الإجرامي والإرهابي المنتشر فيها .
العاصمة.. صوب المراكز الحدودية.. مرورا بقسنطينة
كانت الساعة تشير إلى السادسة صباحا، عندما انطلقنا من مقر قيادة الدرك الوطني بالجزائر العاصمة، رفقة موكب متجهين نحو مدينة قسنطينة، أين أمضينا الليلة بها، قبل أن ننطلق فجر اليوم الموالي متجهين نحو ولاية تبسة وبالتحديد إلى المراكز الحدودية المتقدمة في كل من منطقتي «أم علي» و«بوعافر»، وهي أقرب النقاط من محور النار، أو بالأحرى جبال «الشعانبي»، وهي من أكثر المناطق انتشارا للنشاط الإجرامي والإرهابي، وعلى بعد أقل من 50 كيلومترا قبل نقطة الصفر والتقاء الحدود الجزائرية التونسية، التي كانت وجهتنا، وكانت المناظر من حولنا تشير إلى أننا متجهين إلى منطقة الخطر، حيث كانت كل الأعين تترقبنا وتترصدنا بمجرد أن دخلنا بوعفير فمخبرو «القناطرية»، هو مصطلح يطلق على المهربين في منطقة الشرق الجزائري، شرعوا في إجراء اتصالاتهم، لإفشال أي محاولة أو عملية قد يسعى لها مصالح الدرك في الإطاحة بالمهربين أو عناصر إرهابية، ظنا منهم أننا كنا في عملية مداهمة أو نصب كمين لشبكات المهربين خاصة وأننا كنا على متن سيارات الخدمة.. الحواجز الإسمنتية على مستوى نقاط مراقبة الدرك الوطني، وطوابير السيارات أمام محطات البنزين، وقطعان الأغنام التي كانت ترعى في الأحراش والغابات المجاورة كانت كلها تشير إلى أننا على مستوى عاصمة من عواصم التهريب في الجزائر.
S.S.I القوة الضاربة لدعم حرس الحدود ومواجهة الإرهابيين
بمجرد وصولنا لمنطقتي «بوعفير» و«أم علي» وهما نقطتي التماس مع التراب التونسي واللّتان تحويان مراكز متقدمة لحرس الحدود التابعة للدرك الوطني، بصفتهما منطقتين تطلان على سلسلة جبال الشعانبي من الجانب التونسي، والتي تعتبر منطقة نشاط الجماعات الإرهابية المسلحة وعلى رأسها عناصر التنظيم الإرهابي «داعش»، أين كانت هناك تعزيزات أمنية مشددة لوحدات حرس الحدود التابعة للدرك الوطني مدعمة بالوحدات الخاصة للتدخل، وهو الإجراء الجديد الذي اعتمدته قيادة الدرك الوطني من أجل تأمين الحدود وضمان سرعة التدخل والتعامل مع الحالات الطارئة والمواجهة المباشرة مع الإرهابيين والقضاء عليهم، كما أن تمركز أفراد حرس الحدود على مستوى نقاط التماس مع التراب التونسي، وتمركز عناصر الوحدات الخاصة وطبيعة التجهيزات المستخدمة كانت توحي بحساسية الوضع وخطورته.
الحدود تحت مراقبة الكاميرات على مدار 24 ساعة
وحسب ما استقيناه من مصادرنا خلال تواجدنا في منطقتي «بوعفير» و«أم علي» المتاخمتين لجبال الشعانبي، فإن الحدود الجزائرية تحت مراقبة الكاميرات على مدار 24 ساعة، خاصة بعدما تم تدعيم وحدات حرس الحدود بأسراب من طائرات «أوغوستا» المزودة بآخر تكنولوجيات المراقبة والتكنولوجيات القتالية، بما فيها كاميرا مراقبة ليلة بالأشعة ما تحت الحمراء، مما يمكن من رصد كافة التحركات تحت كل الظروف بالإضافة إلى إمكانية إرسال المعلومات لغرفة العمليات، كما أن هذه الطائرات مزودة برشاشات عالية الدقة لقنص أي هدف على الأرض ومن علو مرتفع.
العمل الاستعلاماتي والكمائن لصيد الإرهابيين
وخلال حديثنا لمصادر أمنية بعين المكان، أكدت هذه الأخيرة أن عمل وحدات حرس الحدود خلال هذه الفترة سيتركز على تنشيط العمل الاستعلاماتي، خاصة على مستوى المناطق المحيطة بالمراكز المتقدمة التابعة لها، أين سيتم التنسيق مع فرق التدخل الخاصة على استغلال المعلومات لتنفيذ الكمائن ورصد وإفشال أي محاولات تسلل للتراب الجزائري من طرف عناصر إرهابية أو إجرامية، والقضاء عليها بعين المكان لكي لا تتجاوز محور المنطقة الحدودية للتوغل نحو مناطق الانتشار السكاني أو مناطق أخرى.
الجماعات الإجرامية تحاول تلغيم المناطق وتحصنها لحماية نفسها
من جهتها، تسعى الجماعات الإجرامية المتحصنة بجبال الشعانبي، إلى تلغيم المناطق المحيطة بها لحماية نفسها وتحصين تحركاتها لتفادي الوقوع بين أيدي مصالح الأمن الجزائرية المتمركزة في المراكز المتقدمة، وهو ما أكدته لنا ذات المصادر، وما يعزز هذا الطرح هو التعليمات التي أعطيت لنا من طرف وحدات حرس الحدود من خطر التقدم أكثر نحو الجهة الشرقية، حيث كانت الساعة تشير إلى منتصف «النهار» عندما غادرنا مركز الحدود المتقدم ببوعفير، أين تركنا رجالا يعملون لمدة تصل إلى 24 ساعة يوميا، لتأمين أحد أخطر المناطق على التراب الجزائري.