الأرشيف الجزائري.. وعود حبر على ورق
لا تزال وعود الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بشأن الأرشيف المتعلق بالثورة التحريرية الجزائرية بعيدا عن التجسيد. والتي أكد من خلالها على تمكين جميع المؤرخين من الأرشيف الجزائري استنادا إلى مرسوم 22 ديسمبر 2021 وتصريحه بـ25 أوت اماضي.
بهذه الكلمات عبّر المؤرخ الفرنسي، مارك أندري، عن تذمره من القرارات التي تتخذ باسم الدولة الفرنسية. ومع ذلك تبقى مجرد شعارات. حيث دفعت بهذا المؤرخ إلى وصف ما يجري على صعيد هذا الملف بـ”الاستغلال السياسي لمسألة الأرشيف”. وهذا عبر مقال له في صحيفة “لوموند” الفرنسية.
كما أشار المؤرخ الفرنسي، أن “على الرغم من النية المتكررة لـ”فتح” أو “تبسيط” أو “تسهيل” الوصول إلى لوثائق الثورة التحريرية. “إلا أنه من الناحية العملية يظل الأمر صعبًا لكل من العائلات والمؤرخين.
في حين، أضاف، “بين الخطب التي ترافق العمل السياسي والوقائع على الأرض، الفجوة كبيرة”. “لدرجة أن المرء يتساءل حتى لو لم يكن ما يسمى بمرسوم “التقييد العام”. قد “تمت صياغته عند مفترق طرق سوء فهم: الحرب في الجزائر والأرشيف المتعلق بها”. “تنشأ تناقضات متعددة، في أصل الممارسات الإدارية التقييدية مع نتائج عكسية اجتماعية وعلمية وسياسية”.
وبالمقابل، تكلم المؤرخ من خلال مقاله عن بعض الحالات التي كان شاهدا عليها. قائلا “دعونا نستشهد بقضية ابنة سجين جزائري محكوم عليه بالإعدام”. “قررت قبل شهر الذهاب إلى الأرشيف الفرنسي للرجوع إلى ملف التحقيق الخاص بإعادة بناء شبكة والدها”. و”محاولته الحصول على حكم مخفف، وكلاهما متاح نظريًا”. مشيرا إلى أن المصالح الفرنسية منعت ابنة السجين من الوصول إلى أرشيف والدها. “لأن هذا الأب، الذي تمت محاكمته عام 1960 وعمره 20 عامًا و6 أشهر، كان قاصرًا (كان أقل من 21 عامًا) وقت الأحداث”. كما “منعت ابنة سجين آخر محكوم عليه بالإعدام من الوصول إلى الأرشيف في أكتوبر”. “ليس لأن والدها كان قاصرًا وقت اعتقاله، ولكن لأن زملاءه الجنود كانوا قاصرين”.
فرنسا تتعمد التمييز بين الحرب العالمية والثورة التحريرية
وحسب المؤرخ الفرنسي، فإن فرنسا تتعمد التمييز بين الأرشيف المتعلق بالحرب العالمية الثانية والثورة التحريرية الجزائرية. قائلا “من بين مطالب المؤرخين بشأن مطالب فتح الأرشيف، كانت هناك رغبة في التعامل مع الحرب العالمية الثانية والحرب الجزائرية بالطريقة نفسها”. غير أن “الملاحظ هو أن هناك الاستثناء العام في الحالة الأولى، الذي اتخذ في عام 2015”. “لم يستبعد بأي حال مقاتلي المقاومة والمتعاونين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و21 عامًا من نطاقه”. “من دون أن يشكل ذلك أي مشكلة منذ ذلك الحين”.
ومن خلال ما سبق، -يقول المتحدث- يتضح ما يسمى بالاستثناء “العام” على حقيقته في قضية الوصول إلى الأرشيف في الحالة الجزائرية. “الأمر الذي يحد من وتيرة البحوث المتعلقة بالذاكرة والتاريخ، وفق ما يهدف الرئيس الفرنسي”.